وقد ختم الأستاذ المغفور له أبو شهبة رده على أبي رية في هذه القضية بما يأتي: ولكي ترى الفرق بين العلماء والأدعياء أذكر لك ما روي عن الإمام الشافعي, وقد سئل عن اختياره تشهد ابن عباس, قال: لما رأيته واسعا وسمعته عن ابن عباس صحيحا كان عندي أجمع، وأكثر لفظا من غيره, وأخذت به غير معنف لمن يأخذ بغيره مما صح. ولو سلمنا -جدلا- أن هذه الروايات في قصة واحدة, فالخلاف بينها هيِّن يسير لا يستأهل كل هذا التهويل، فتشهد ابن مسعود بلفظ:"التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ... إلخ".
وتشهد ابن عباس بلفظ:"التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله", باقيه كتشهد ابن مسعود، وتشهد عمر بلفظ:"التحيات لله, الزكيات لله، الصلوات لله، الطيبات لله"، وسائره كتشهد ابن مسعود, وبقية صيغ التشهد الواردة لا تخرج عن هذه الصيغ بزيادة كلمة من صدر التشهد أو نقصان أخرى، وذكر لفظ "لله" عقب كل منها أو في أولاها أو أخراها، وكل ذلك أمر جائز وله وجه في العربية, وأما زيادة البسملة قبل التشهد، فلم تصح كما قال الحافظ في الفتح، فعلام كل هذه الضجة المفتعلة التي لا يقصد من ورائها إلا التشويش على السنة والأحاديث؟ ثم من قال أيها المؤلف البحاثة: إن التشهد من قبيل الأفعال المتواترة، وليس من قبيل الأقوال؟ إن الطالب المبتدئ يعلم أن الصلاة أقوال وأفعال، والتشهد من الأقوال لا محالة"١.