ونحن نلخص لك أهم تلك الشبهة, وأقوى وجوه دفعها فنقول: عاب عبدُ الحسين الصحابيَّ الجليل بكثرة مروياته وإفراطه في التحديد، وعاب أصحاب الصحاح لإفراطهم في تخريج رواياته. والعيب مردود على من عاب به فما كانت كثرة الروايات قط عيبا، وما كان تحري أصحاب الصحيح لما صح عندهم وذكرهم إياه وسيلة لاتهامهم, ثم إن القادح يعيب الصحابي الجليل بكثرة الاختلاف في اسمه واسم أبيه، ولا عيب في هذا ما دام قد اشتهر بكنيته, وعرف بها وغلبت عليه، وشأن أبي هريرة في ذلك هو شأن الصديق الذي غلبت كنيته اسمه، وشأن أمين هذه الأمة أبي عبيدة, وشأن فارس رسول الله أبي دجانة.
ثم ويتوارد الغمز بالهرة التي كني بها، ويدعي الأفاك أنه من أجل ذلك روى الحديث:"دخلت امرأة النار في هرة حبستها ... إلخ " , فلشدة ولعه بالهرة وكثرة عبثه بها روى ذلك.
والحديث مخرج في أصح الصحيح عند أحمد والبخاري ومسلم، ووافق أبا هريرة على رواياته عند البخاري ابنُ عمر وأسماء, فانقطع باب القدح, ثم ويتهم أبو هريرة بأنه كان حافيًا عاريًا، ويلمز بالفقر, ولم ندر أن الفقر والغنى ميزان للتفاضل في المنطق الصحيح، وما درينا أن أهل تلك الأعصار كانوا ينتعلون.
ثم والطعن في الرجل بأنه ظل ثلاثين سنة جاهلا لا يعرف عن الإسلام شيئا طعن ساقط؛ لأنه لا يلام على ذلك ما دام قد استضاء بنور الحق, وانشرح