ومما أخرجه ابن سعد أنه قال: أكريت نفسي من ابنة غزوان على طعام بطني وعقبة رجلي، فكانت تطلقني أن أركب قائما وأرد حافيا، فلما كان بعد ذلك زوجنيها الله، فكلفتها أن تركب قائمة وأن تورد حافية"١.
هكذا يصدع أبو هريرة لقوله تعالى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} , ويوقف نفسه موقف الرضا من ربه حين يظهر أثر نعمته عليه. لكن أبا رية لا يعجبه هذا فيطلق العنان لقلمه إلى حد أن يكتب في الهامش ما نصه: "انظر إلى هذا الكلام الذي تعرى عن كل مروءة وكرم, واتسم بكل دناءة ولؤم, فتجده يباهي بامتهان زوجه والتشفي منها، وهل يفعل مثل ذلك رجل كريم خرج من أصل عريق", أستغفر الله من ذنبي كله, ومن إيراد مثل هذا السفه والطعن في راوية الإسلام.
وهاك أضحوكة ونادرة تفكه بها، يتهكم أبو رية من راوية الإسلام, ويلقبه بشيخ المضيرة؛ والمضيرة: مريقة تطبخ باللبن المضير الحامض، وربما أضيف إليه الحليب, وكانت تعد من أطايب الطعام ولذائذه في تلك الأيام.
وقد حلى لصاحب كتاب أضواء على السنة المحمدية أن يشير مرارًا إلى كتابه "المغيرة على شيخ المضيرة", وينقل من كتاب "ثمار القلوب" للثعالبي سببا لهذا التلقيب "وكان يعجبه المضيرة جدًّا ليأكل مع معاوية،