للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة الرسول وهديه الذي أمرنا بأن يكون لنا فيه أسوة حسنة، ويدل عليه اقتران طاعته بطاعة الله تعالى، بل قال بعض العلماء: إنه كان إذا دعا شخصا, وهو يصلي يحب عليه أن يترك الصلاة استجابة له، وأن الصلاة لا تبطل بإجابته، بل له أن يبني على ما كان صلى ويُتم, واستدلوا على ذلك بحديث رواه البخاري عن سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول صلى الله عليه وسلم, فلم أجبه -أو قال: فلم آته حتى صليت, ثم أتيته- فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، فقال: "ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} " , وروى الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة "أنه صلى الله عليه سلم دعا أبي بن كعب وهو في الصلاة" وذكر نحوه مما رواه البخاري عن أبي سعيد وصححه١.

وقد استنبط الحافظ ابن حجر من الحديث "أن الأمر يقتضي الفور؛ لأنه عاتب الصحابي على تأخير إجابته، وفيه استعمال صيغة العموم في الأحوال كلها, قال الخطابي: فيه إن حكم لفظ العموم أن يجري على جميع ما اقتضاه, وأن الخاص والعام إذا تقابلا كان العام منزلا على الخاص؛ لأن الشارع حرم الكلام في الصلاة على العموم, ثم استثنى منه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وفيه أن إجابة المصلي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا تفسد الصلاة، هكذا صرح به جماعة من الشافعية وغيرهم.

وفيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة مطلقًا سواء كان المخاطب


١ المنار ج٩ ص٥٢٥.

<<  <   >  >>