للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقصارى هذا أن يكون مزيد اعتناء منه ببيت المقدس ومبالغة في إظهار فضله الثابت عند المسلمين ولو كان مقصوده صرف قلوب الناس إليه وجعله بديل المسجد الحرام لكان هذا في مقدمة الطعن التي أخذها أعداء عبد الملك عليه؛ بل ولكان هذا فيه كفر صراح، وتغيير لشريعة الله، وهذا أشهر من أن يخفى، وعبد الملك أجل من أن يقع منه هذا.

ومما يؤكد لنا أنه لم يحمل أحدا على الحج إلى بيت المقدس، بل كان عمله مجرد احترام لذلك المسجد ما قام به بعد انتصاره على ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين حين أمر بإعادة بناء الكعبة كما كانت عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, وإزالة ما أدخل ابن الزبير في بنائها سنة أربع وستين, فمن الواجب أن يفرق بين اعتنائه بالمسجد الأقصى وجعله محجا للمسلمين.

٣- إذا انتفى عن عبد الملك أنه منع الناس من الحج إلى بيت الله الحرام وحمله إياهم على قصد بيت المقدس، فانتفاء تهمة الوضع عن الزهري أظهر وبراءة ساحته من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهر، وجرأة الزهري على الأمراء هي الثابتة، وشجاعته في الحق وموالاته له محققة، فقد كان من الذين لا يخافون إلا الله ولا يخشون أحدا سواه، ولا يقيمون وزنا للوم اللائمين ما دام الحق معه، أو هو مع الحق يتابعه ويشايعه.

وعلى حساب من يلاين ابن شهاب أو يداهن؟ أعلى حساب دينه، وقد ذكر ابن عساكر قصة فحواها أن سليمان بن يسار دخل على هشام بن عبد الملك فسأله هشام عن الذي تولى كبره منهم؟ فأجاب سليمان بأنه: عبد الله بن أبي فقال له هشام كذبت، هو: علي بن أبي طالب، فقال له

<<  <   >  >>