التحديث يروي للناس السنن كالسفيانين، ومنهم من يتكلم في الرواية, وما يتصل بها من أحكام الدراية كشعبة بن الحجاج، ومنهم من جمع إلى التحديث والتصنيف.
وتعددت مناحيهم في التصنيف, فمنهم من اعتنى بالمباحث الفقهية, وركز كل اهتمامه على الأحكام وجمع من الرواية اجتهاد بعض الأئمة، ومع ذلك كله اعتبر صنيعه توطئة للحديث, وتمهيدًا للدخول فيه, فسمي "موطأ", ومنهم من نظر إلى السنة خلال أخذها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة, فعني بجمع مرويات الصحابي وسماها مسندا, وأضافها إلى الصحابي, ولم يراع في ترتيبها إلا من مرويات تلك الصحابي الذي يعنى بجميع منقوله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم يرتب الصحابة إما على السبق للإسلام, وإما على مراتبهم ودرجات تفضيلهم ككون الواحد منهم من العشرة المبشرين بالجنة, أو ممن شهد بدرًا, أو بيعة الرضوان إما أن يراعى في الترتيب حرف المعجم، وعرفت هذه الطريقة بالمسانيد.
وكما اشتهر في الكتب المرتبة على الأبواب "موطأ مالك" و"موطأ بن أبي ذئب", اشتهر أيضا في الكتب المرتبة على المسانيد "مسند أبي داود الطيالسي" و"مسند ابن أبي شيبة", وكان أجمع المسانيد وأنفعها "مسند الإمام""أحمد ابن حنبل".
وهناك من رتب تصنيفه على الأطراف بأن ذكر طرف الحديث فقط