ورد رأيه أيضا بادعاء إبطال مستنده, يقول محقق كتاب المجروحين:"وليس ابن حبان أول محدث حمل على أبي حنيفة هذه الحملة, ولكن الأئمة العدول من المحدثين الذين خبروا الإمام قد أنصفوه ولم يسلموه لأقوال المتحاملين.
يقول اللكنوي الهندي بعد أن ذكر فرح الدارقطني في أبي حنيفة. وقوله: إنه ضعيف في الحديث: "فتارة يقول إنه كان مشتغلا بالفقه". انظر بالإنصاف أي قبح فيما قالوا؟ بل الفقيه أولى بأن يؤخذ الحديث عنه.
وتارة يقولون: إنه لم يلاق أئمة الحديث، إنما أخذ ما أخذ من حماد, وهذا باطل، فإنه روى عن كثير من الأئمة كالإمام محمد الباقر، والأعمش وغيرهما.
مع أن حمادا كان وعاء للعلم فالأخذ منه أغناه عن الأخذ عن غيره, وهذا أيضا آية على ورعه وكمال تقواه, فإنه لم يكثر الأساتذة لئلا تكثر الحقوق فيخاف عجزه عن إيفائها، وتارة يقولون إنه من أصحاب القياس والرأي, وكان لا يعمل بالحديث حتى وضع أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه المصنف بابا للرد عليه, ترجمته "باب الرد على أبي حنيفة".
وهذا أيضا من التعصب, كيف وقد قبل المراسيل وقال: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبالرأس والعين, وما جاء عن أصحابه فلا أتركه. ولم يخصص بالقياس عام خبر الواحد، فضلا عن عام الكتاب، ولم يعمل بالإحالة والمصالح المرسلة"١.
١ كتبه الأستاذ محمود إبراهيم زايد بهامش المجروحين ج٣، ص٦١-٦٢.