المطاع مزود من قبل من أرسله الآمر بطاعته بصفات جبلية تستهوي القلوب, وتأسر الأفئدة، كيف وقد زانته في الخلق العظيم شمائل، أو اكتنفت كل تصرفاته فضائل, فهو الحي الكريم الأشد حياء من العذراء في خدرها وهو الشجاع المقدام الذي تتقى به السهام، وإذا حمي الوطيس واشتد البأس لم يكن أحد منهم أقرب إلى رماح العدو وسيوفه منه صلى الله عليه وسلم,
وهو السياج لهم والملجأ والملاذ, هو نبي الرحمة وهو نبي الملحمة, بعث رحمة للعالمين, ولم يبعث لعانا, ولم يكن فظا ولا غليظًا ولا صخابًا بالأسواق.
لا يدفع بالسيئة السيئة, وإنما يعفو ويصفح, إنه الهين اللين الذي يحب الرفق في الأمر كله، إنه السخي الذي يفضُل في سخائه الريح المرسلة، إنه الجواد الكريم الرءوف الرحيم الذي تتعدى رحمته الإنس والجن, فتتسع أرجاؤها لتشمل الحيوان الأعجم الذي يحس كما يحس الإنسان, ويتوجع ويتألم ويبكي ولكن بغير دموع، ومهما تكلم اللسان وأفصح البيان فهيهات أن يعرب عن معشار معشار ما بلغه سيد الأبرار من علو شأن في كريم الأخلاق وطيب الخلال وجميل الخصال، ولن يقدره إلا العليم الخبير الذي منحه وأعطاه وأعلن بآكد الكلام وأقواه أن عطاياه ستتوالى حتى يتحقق رضاه ولن