يروم مخلوق ثناء على أخلاقه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بعد ما أثنى عليه الخلاق فقال وهو أصدق القائلين:{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ، مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ، وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ، وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ١.
جاذبيات متعددة تلك التي تستهوي القلوب والأفئدة, أمر من الملك الأعلى جل في علاه, مؤكد ومكرر بطاعة حبيبه ومصطفاه, ومناقب جوهرية في المطاع, وصفات جبلية فيه, وسجايا كريمة وأخلاق عظيمة تقرب الناد وتؤوي البعيد والشارد, فلا عجب أن ينسل الناس إليه من كل حدب وصوب, وأن يأتيه الدانون والقاصون رجالا وركبانا ليشهدوا منافع لهم, ولا غرابة في أن يجتمع الناس على طاعته, وأن يتعاهدوا على حمايته, ويبايعوه على أن يحموه مما يحمون منه نساءهم وأولادهم وأنفسهم.
يتاسبق الجميع في البذل والعطاء ويتنافسون في التضحية والفداء, وما نبأ الفدائي الأول في الإسلام علي بن أبي طالب ببعيد عن الأفهام، وما أكثر الذين حملوا أرواحهم على أكفهم فداء للدعوة والداعية صلى الله عليه وسلم, ما أرخص الدماء, وما أهون الآباء والأبناء, وإلحاح أبي بكر على الإذن له في مبارزة ولده ومكافحة أمين هذه الأمة أبي عبيدة ومواجهته أباه, وبلاء طلحة الذي أوجب يوم أحد, ومنافحة سعد وتدرع أبي دجانة للنبي صلى الله عليه وسلم, وتلقيه السهام دونه, كل هذه مواقف سجلتها الأيام لأولئك الأعلام في سطور من نور, وحفظتها ووعتها صدور عرفت أن للحق فرسانه وشجعانه عرفوا به, وما كان ليعرف إلا بهم.