للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذهب كثير الحياء ثم انسلخ من ذلك كله بأسباب عرضت له ولأن علمه كان أكثر من عقله، وكان مثله كما قال الشاعر:

ومن يطيق مزكي عند صبوته … ومن يقوم لمستور إذا خلعا

وقد حكى عن جماعة أنه تاب عند موته مما كان منه، وأظهر الندم وأعترف بأنه غنما صار على ما صار إليه حمية وأنفة من جفاء أصحابه وتنحيتم إياه من مجالسهم وأكثر كتبه الكفريات ألفها لأبي عيسى بن لاوي اليهودي الأهوازي، وفي منزل هذا الرجل توفي. مما ألف من الكتب الملعونة: كتاب يحتج فيه على الرسل ويبطل الرسالة ونقضه على نفسه ونقضه الخياط أيضا كتاب نعت الحكمة، صفة القديم تعالى وجل اسمه في تكليف خلقه أمره ونهيه، ونقضه عليه الخياط كتاب يطعن فيه على نظم القرآن نقضه عليه الخياط وأبو علي الجبائي ونقضه هو على نفسه، كتاب القضيب الذهب، وهو الذي يثبت فيه أن علم الله تعالى بالأشياء محدث وانه كان غير عالم حتى خلق لنفسه علما تعالى الله وجلت عليته، ونقضه عليه أبو الحسين الخياط أيضا كتاب الفرند في الطعن على النبي وويل للطاعن عليه ونقضه عليه كتاب المرجان في اختلاف أهل الإسلام ونقضه ابن الراوندي على نفسه، ومن كتب صلاحه: كتاب الأحكام وكتاب الابتداء والإعادة وكتاب الإمامة فيه … وكتاب خلق القرآن وكتاب البقاء والفناء وكتاب لا شيء إلا موجود وأمثالها من كتبه كثيرة.

وحكى أبو حسين بن الراوندي قال: مررت بشيخ جالس وبيده مصحف وهو يقرأ: ولله ميزاب السموات والأرض فقلت: وما معنى ميزاب السموات والأرض؟ قال: هذا المطر الذي ترى. فقلت: ما يكون التصحيف إلا إذا كان مثلك يقرأ: يا هذا: إنما هو ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (١) فقال: اللهم غفرا، أنا من أربعين سنة أقراها وهي في مصحفي هكذا.


(١) السورة: آل عمران، الآية: ١٨٠١
السورة الحديد: الآية: ١٠

<<  <   >  >>