للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الكلام على القلم الرومي]

قرأت في بعض التواريخ القديمة لم يكن اليونانيون يعرفون الخط في القديم حتى ورد رجلان من مصر يسمي أحدهما قيمس والآخر أغنور ومعهما ستة عشر حرفا فكتب بها اليونانيون ثم استنبط أحدهما أربعة أحرف فكتب بها ثم استنبط آخر يسمى سمونيدس أربعة أخر فصارت أربعا وعشرين وفي هذه الأيام نجم سقراطيس على ما ذكر إسحاق الراهب في تاريخه وسألت رجلا من الروم مراطنا (١) بلغتهم وكان يذكر أنه قد وصل إلى المرتبة التي تسمى الايطومولوجيا وهو النحو الرومي فقال المتعارف الذي يستعمله الروم في مدينة السلام ثلاثة أقلام منها القلم الأول ويقال له ليطون ونظيره من أقلام العرب قلم الوراقين الذي يكتب به المصاحف وبه يكتبون مصاحفهم ويعرب بيريا ملة الروم أي بالمقدسي.

ولهم قلم يسمى أفوسفيبادون ونظيره من أقلام العرب قلم الثلث الذي يشترك فيه المحقق والمسهل. ولهم قلم يسمى سوريطون وهو قلم الكتاب المخفف ومثله عندنا قلم الترسل الديواني فتدغم فيه الحروف.

ولهم قلم يعرف بالساميا ولا نظير له عندنا فإن الحرف الواحد منه يحيط بالمعاني الكثيرة ويجمع عدة كلمات وقد ذكره جالينوس في فينكس كتبه ومعنى هذه اللفظة ثبت الكتب قال جالينوس كنت في مجلس عام فتكلمت في التشريح كلاما عاما فلما كان بعد أيام لقيني صديق لي فقال أن فلا انا يحفظ عليك مجلسك العام انك تكلمت بكذا وكذا وأعاد على ألفاظي بعينها فقلت من أين لك هذا فقال لي إني لقيت بكاتب ماهر بالساميا فكان يسبقك بالكتابة في كلامك وهذا القلم يتعلمه الملوك وجلة الكتاب ويمنع منه سائر الناس لجلالته جائنا من بعلبك (٢) في سنة ثمان وأربعين رجل متطبب زعم أنه يكتب بالساميا فجربنا عليه ما قال فأصبناه إذا تكلما بعشر كلمات أصغى إليها ثم كتب


(١) يقال: رطن الأعجمي رطانة أي تكلم بلغته ورطن فلان أي تكلم الأعجمية وراطنه مرانطة ورطانا أي خاطبه بالأعجمية ويقال: كلمه بالرطانة أي بالكلام الأعجمي أو بكلام لا يفهمه الجمهور.
(٢) بعلبك بالفتح ثم السكون وفتح اللام والباء الموحدة والكاف مشددة: مدينة بينها وبين دمشق ثلاثة أيام بها أبنية عجيبة وآثار عظيمة وقصور على أساطين الرخام لا نظير لها في الدنيا أنظر مراصد الإطلاع ١/ ٢٠٨.

<<  <   >  >>