يعرف باللقطة وصاحبهم مزدك القديم أمره بتناول اللذات والانعكاف على بلوغ الشهوات والاكل والشرب والمواساة والاختلاط وترك الاستبداد بعضهم على بعض ولهم مشاركة في الحرم والاهل لا يمتنع الواحد منهم من حرمة الآخر ولا يمنعه ومع هذه الحال فيرون أفعال الخير وترك القتل وإدخال الآلام على النفوس ولهم مذهب في الضيافات ليس هو لاحد من الأمم إذا أضافوا الإنسان لم يمنعوه من شيء يلتمسه كائنا ما كان وعلى هذا المذهب مزدك الأخير الذي ظهر في أيام قباد بن فيروز وقتله أنوشروان وقتل أصحابه وخبره مشهور معروف وقد استقصى البلخي أخبار الحرمية ومذاهبهم وأفعالهم في شربهم ولذاتهم وعباداتهم في كتاب عيون المسائل والجوابات ولا حاجة بنا إلى ذكر ما قد سبقنا اليه غيرنا.
[أخبار الحرمية البابكية]
فأما الحرمية البابكية فان صاحبهم بابك الحرمي وكان يقول لمن استغواه انه إله وأحدث في مذاهب الحرمية القتل والغصب والحروب والمثلة ولم يكن الحرمية يعرف ذلك.
[السبب في بدء أمره وخروجه وحروبه ومقتله]
قال واقد بن عمرو التميمي وعمل أخبار بابك قال وكان أبوه رجلا من أهل المدائن دهانا نزع إلى ثغر اذربيجان فسكن قرية تدعى بلال اباذ من رستاق ميمد وكن يحمل دهنه في وعاء على ظهره ويطوف في قرى الرستاق فهوى امرأة عوراء وهي أم بابك وكن يفجر بها برهة من دهره فبينا هو وهي منتبذان عن القرية متوحدان في غيضة ومعهم شراب يعتكفان عليه إذ خرج من القرية نسوة يسقين الماء من عين في الغيضة فسمعن صوتا نبطيا يترنم به فقصدن اليه فهجمن عليهما فهرب عبد الله وأخذن بشعر أم بابك وجئن بها إلى القرية وفضحنها فيها قال واقد ثم ان ذلك الدهان رغب إلى أبيها فزوجه منها فأولدها بابكا ثم خرج في بعض سفراته إلى جبل سبلان واعترضه من استقفاه وجرحه فقتله فمات بعد مديدة وأقبلت أم بابك ترضع للناس بأجرة إلى أن صار لبابك عشر سنين فيقال إنها خرجت في يوم من الأيام تلتمس بابكا وكان يرعى بقرا لقوم فوجدته تحت شجرة قائلا وهو عريان وانها رأت تحت كل شعرة من صدره ورأسه دما فانتبه من نومه فاستوى قائما وحال ما رأت من الدم فلم تجده قالت فعلمت أنه سيكون لابني نبأ جليل قال واقد وكان أيضا بابك مع الشبل بن المنقى الأزدي برستاق.