حيث شاءوا من البلاد فأجابه سابور إلى جميع ما سأل وكان مانى دعا الهند والصين وأهل خراسان وخلف في كل ناحية صاحبا له.
[ذكر ما جاء به مانى وقوله في صفة القديم تبارك وتعإلى وبناء العالم والحروب التي كانت بين النور والظلمة]
قال مانى: مبدأ العالم كونين أحدهما نور والآخر ظلمة كل واحد منهما منفصل من الآخر فالنور هو العظيم الأول ليس بالعدد وهو الإله ملك جنان النور وله خمسة أعضاء الحلم والعلم والعقل والغيب والفطنة وخمسة أخر روحانية وهي الحب والايمان والوفاء والمروة والحكمة وزعم أنه بصفاته هذه أزلي ومعه شيئان اثنان أزليان أحدهما الجو والآخر الأرض قال مانى وأعضاء الجو خمسة الحلم والعلم والعقل والغيب والفطنة وأعضاء الأرض النسيم والريح والنور والماء والنار والكون الآخر وهو الظلمة وأعضاؤها خمسة الضباب والحريق والسموم والسم والظلمة قال مانى وذلك الكون النير مجاور للكون المظلم لا حاجز بينهما والنور يلقي الظلمة بصفحته ولا نهاية للنور من علوه ولا يمنته ولا يسرته ولا نهاية للظلمة في السفل ولا في اليمنة واليسرة قال مانى ومن تلك الأرض المظلمة كان الشيطان لا أن يكون أزليا بعينه ولكن جواهره كانت في عناصره أزلية فاجتمعت تلك الجواهر من عناصره فتكونت شيطانا رأسه كرأس أسد وبدنه كبدن تنين وجناحه كجناح طاير وذنبه كذنب حوت وأرجله أربع كارجل الدواب فلما تكون هذا الشيطان من الظلمة وتسمى إبليس القديم ازدرد واسترط وأفسد ومر يمنة ويسرة ونزل إلى السفل في كل ذلك يفسد ويهلك من غالبه ثم رام العلو فرأى لمحات النور فأنكرها ثم رآها متعالية فارتعد وتداخل بعضه في بعض ولحق بعناصره ثم انه رام العلو فعلمت الأرض النيرة بأمر الشيطان وما هم به من القتال والفساد فلما علمت به علم به عالم الفطنة ثم عالم العلم ثم عالم الغيب ثم عالم العقل ثم عالم الحلم قال ثم علم به ملك جنان النور فاحتال لقهره قال وكان جنوده أولئك يقدرون على قهره ولكنه أراد أن يتولى ذلك بنفسه فاولد بروح يمنته وبخمسة عالميه وبعناصره الاثني عشر مولودا وهو الإنسان القديم وندبه لقتال الظلمة قال فتدرع الإنسان القديم بالأجناس الخمسة وهي الآلهة الخمسة النسيم والريح والنور والماء والنار واتخذهم سلاحا فأول ما لبس النسيم وارتدى على النسيم العظيم بالنور المسبغ وتعطف على النور بالماء ذي