الفن الأول: في أخبار المسامرين والمخرفين. وأسماء الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات.
قال محمد بن إسحاق أول من صنف الخرافات وجعل لها كتبا وأودعها الخزائن وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان الفرس الأول ثم أغرق في ذلك ملوك الاشغانية وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس ثم زاد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية ونقلته العرب إلى اللغة العربية وتناوله الفصحاء والبلغاء فهذبوه ونمقوه وصنفوا في معناه ما يشبهه فأول كتاب عمل في هذا المعنى كتاب هزار أفسان ومعناه ألف خرافة وكان السبب في ذلك ان ملكا من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة قتلها من الغد فتزوج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية يقال لها شهرزاد فلما حصلت معه ابتدأت تخرفه وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها ويسئلها في الليلة الثانية عن تمام الحديث إلى ان أبى عليها ألف ليلة وهو مع ذلك يطأها إلى أن رزقت منه ولدا أظهرته وأوقفته على حيلتها عليه فاستعقلها ومال إليها واستبقاها وكان للملك قهرمانة يقال لها دينار زاد فكانت موافقة لها على ذلك وقد قيل ان هذا الكتاب ألف لحمانى ابنة بهمن وجاءوا فيه بخبر غير هذا قال محمد بن إسحاق والصحيح ان شاء الله ان أول من سمر بالليل الإسكندر وكان له قوم يضحكونه ويخرفونه لا يريد بذلك ك اللذة وانما كان يريد الحفظ والحرس واستعمل لذلك بعده الملوك كتاب هزار افسان ويحتوي على ألف ليلة وعلى دون المائتي سمر لان السمر ربما حدث به في عدة ليال وقد رأيته بتمامه دفعات وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث قال محمد بن إسحاق ابتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري صاحب كتاب الوزراء بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم كل جزء قائم بذاته لا يعلق بغيره وأحضر المسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون واختار من الكتب المصنفة في الاسمار والخرافات ما يحلو بنفسه وكان فاضلا فاجتمع له من ذلك أربعمائة ليلة وثمانون ليلة كل ليلة سمر تام يحتوي على خمسين ورقة وأقل وأكثر ثم عاجلته المنية قبل استيء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي وكان قبل ذلك ممن يعمل