للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ومن أنت (١) ؟ قال: أنا الشيخ النصرانى. قال عمر: وأنا الشيخ الحنيف. ثم كتب إلى عامله: أن لا يعشروا في السنة إلا مرة " (٢) .

ولأن الجزية والزكاة إنما تؤخذ في السنة مرة. فكذلك هذا.

ومتى أخذ منهم ذلك مرة كتب لهم حجة بأدائهم؛ ليكون وثيقة لهم، وحجة على من يمرون عليه. فلا يعشرهم مرة ثانية. إلا أن يكون معه أكثر من المال الأول. فيأخذ من الزيادة؛ لأنها لم تعشر، وذلك لأن العشر حق يؤخذ من التجارة. فلا يؤخذ في السنة إلا مرة؛ كنصف العشر من الذمي.

(ولا يُعشَّر ثمن خمر و) لا ثمن (خنزير) على الأصح. نص عليه أحمد.

وبه قال عمر بن عبدالعزيز وأبو عبيد وأبو ثور.

قال عمر بن عبدالعزيز: " الخمر لا يعشرها مسلم " (٣) .

قال أبو عبيد: ومعنى قول عمر: ولُّوهم بيعها وخذوا أنتم من الثمن: أن المسلمين كانوا يأخذون من أهل الذمة الخمر والخنازير من جزيتهم وخراج أرضهم بقيمتها ثم يتولى المسلمون بيعها. فأنكره عمر، ثم رخص لهم أن يأخذوا من أثمانها إذا كان أهل الذمة المتولين لبيعها.

وروى بإسناده عن سويد بن غفلة: "أن بلالاً قال لعمر: إن عمالك يأخذون الخمر والخنازير في الخراج. فقال: لا تأخذوها، ولكن ولُّوهم بيعها وخذوا من الثمن " (٤) .

(وعلى الإمام حفظُهم) أي: حفظ أهل الذمة، (ومنع من يؤذيهم) من المسلمين. ومن مثلهم من أهل الذمة ومن أهل الحرب؛ لأنه التزم بالعهد حفظهم. ولهذا قال علي: " إنما بذلوا الجزية؛ ليكون دمائهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا ".


(١) في ج: أين أنت.
(٢) سبق تخريجه ص (٤٦٧) رقم (١).
(٣) أشار إلى قول عمر بن عبدالعزيز هذا أبو عبيد في"الأموال"ر."الأموال"ص: ٥٣.
(٤) أخرجه أبو عبيد في"الأموال" (١٢٩) ص: ٥٢ باب أخذ الجزية من الخمر والخنزير.

<<  <  ج: ص:  >  >>