للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عمر في وصيته للخليفة بعده: " وأوصيه بأهل ذمة المسلمين خيراً: أن يوفي لهم بعهدهم، ويحاظر من ورائهم ".

(و) على الإمام أيضاً (فُك أسراهم). سواء كانوا في معرفتنا أو لم يكونوا؛ لأننا التزمنا حفظهم بمعاهدتهم وأخذ جزيتهم. فلزمنا القتال من ورائهم والقيام دونهم. فإذا عجزنا عن ذلك وأمكننا تخليصمهم لزمنا، ولكن (بعد فك أسرانا)؛لأن حرمة المسلم أعظم والخوف عليه أشد، وهو معرض للفتنة عن دين الحق. بخلاف أهل الذمة.

(وإن تحاكموا) أي: أهل الذمة (إلينا) بعضهم مع بعض، (أو) تحاكم إلينا (مستأمنان باِّتفاقهما، أو استعدى ذمي على) ذمي (آخر: فلنا الحكم و) لنا (الترك) أي: أننا بالخيار بين الحكم بينهم وبين ترك الحكم بينهم؛ لقول الله سبحانه وتعا لى: [فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ t [المائدة: ٤٢].

ولأنهما كافران. فلم يجب الحكم بينهم؛ كالمتشاحنين إن لم يتفقا على أن يتحاكما إلينا على الأصح.

وإذا اختار الحكم بينهم لم يحكم إلا بحكم الإسلام؛ لقول الله سبحانه وتعالى: [وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة: ٤٢].

(ويحرم إحضار يهودي في سبته، وتحريمه) أي: تحريم السبت على اليهود (باق) عليهم. (فيستثنى) شرعاً (من عمل في إجارة) يعني: أنه متى أجر يهودي نفسه مدة لعمل لم يلزمه أن يعمل شيئاً في السبت.

قال في "الفروع": ولا يحضر يهودياً يوم سبت. ذكره ابن عقيل. أي: لبقاء تحريمه عليه. وفيه وجهان. أو مطلقاً لضرره بإفساد سبته. ولهذا لا يُكره امرأته على إفساده مع تأكد حقه.

قال ابن عقيل: يحتمل أن السبت مستثنى من عمل في إجارة. انتهى.

والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في أثناء حديث رواه النسائي والترمذي وصححه:

"وأنتم يهود عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت " (١) .


(١) أخرجه الترمذي في "جامعه " (٣١٤٤) ٥: ٣٠٥ كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة بني إسرائيل.=

<<  <  ج: ص:  >  >>