وأما كونه يلزمه غرم تخليصه ومُؤنة حمله؛ فلأن ذلك حصل بتعديه. فكان
أولى بغرمه من مالكه؛ لكون الشارع لم ينظر إلى مصلحة المتعدي.
(وإن قال) لغاصب (ربُّ) مغصوب (مبعَّد) اي: بعّده الغاصب عن بلد الغصب: (دعه) بالبلد الذي هو فيها، (وأعطني أجرة ردَّه إلى بلد غصبه)، أو طلب من الغاصب حمل المغصوب إلى مكان آخر في غير طريق الرد:(لم يجب) أي: لم يلزم الغاصب ذلك؛ لأنها معاوضة. فلا يجبر عليها؛ كالبيع. وكذا (١) لو بذل الغاصب للمالك أكثر من قيمته ولا يسترده: فإن المالك
لا يلزمه ذلك؛ لما تقدم.
وإن أراد المالك من الغاصب رد المغصوب إلى بعض الطريق فقط: لزمه؛
لأنه يلزمه إلى جميع المسافة فلزمه إلى بعضها؛ كما لو أسقط رب الدين عن المدين بعض الدين وطلب منه باقيه.
ولا أثر لضرره؛ لأنه حصل بتعديه؛ كما لو غصب فصيلاً وأدخله داره فكبر
وصار لا يمكن إخراجه لضيق بابها عليه، فإنه ينقض مجاناً ويخرج الفصيل.
(وإن زرع) الغاصب (الأرض) المغصوبة ثم ردها وقد حصد زرعه: (فليس لربها) اي: الأرض (بعد حصد) لزرع الغاصب (إلا الأجرة) اي: أجرة المثل على الأرض إلى حين تسليم الغاصب لها. يعني: أنه لا يكون لرب الأرض حق في زرع الغاصب بعد حصاده بتملك ولا غيره؛ لأنه انفصل عن ملكه. أشبه ما لو غرس فيها غراساً ثم قلعه.
ونقل حرب: إن حكمه حكم ما لم يحصد.
(و) المذهب: التفصيل، وأن رب الأرض (يخيّر) فيما إذا أدرك القدرة
على رفع يد الغاصب والزرع في أرضه (قبله) أي: قبل حصاده (بين تركه)