للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في " المغني ": فصل في القطائع. وهي ضربان:

أحدهما: إقطاع إرفاق، وذلك إقطاع مقاعد الأسواق والطرق الواسعة ورحاب المساجد التي ذكرنا أن للسابق إليها الجلوس فيها. فللإمام إقطاعها لمن يجلس فيها، لأن له في (١) ذلك اجتهاداً من حيث: إنه لا يجوز له الجلوس إلا فيما لا يضر بالمارة. فكان للإمام أن يجلس فيها من لا يرى أو يضر بجلوسه.

(ولا يملكه مُقطَع) بذلك. (بل يكون أحق به) أى: بالجلوس فيها من غيره بمنزلة السابق إليها من غير إقطاع سواء، إلا في شيء وأحد وهو: أن السابق إذا نقل متاعه منها فلغيره الجلوس فيها، لأن استحقاقه لها بسبقه إليها ومقامه فيها. فإذا أنتقل عنها زال استحقاقه، لزوال المعنى الذي استحق به. وهذا استحق بإقطاع الإمام. فلا يزول حقه بنقل متاعه، ولا لغيره الجلوس فيه. (ما لم يَعُدِ الإمام في إقطاعه)؛ لأنه كما أن له اجتهاد في الإقطاع له اجتهاد في استرجاعه.

وعلم مما تقدم أن رحبة المسجد لو كانت محوطة لم يكن له إقطاع الجلوس فيها، لأنها حينئذ تكون من (٢) المسجد.

(وأن لم يُقطع) ذلك لأحد (فالسابق) إلى الجلوس فيها (أحق) به: (مالم يُنقل قُماشه عنها)، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: " من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به " (٣) .

ولما روى الزبير بن العوام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لأن يحمل أحدكم حبلاً فيحتطب به ثم يجيء فيضعه في السوق فيبيعه ثم يستغني به فينفقه على نفسه: خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " (٤) رواه أحمد.

ومحل ذلك: ما لم يضيق على أحد ولا يضر بالمارة.


(١) ساقط من أ
(٢) في أ: فى.
(٣) سبق تخريجه ص (١٧) رقم (١)
(٤) أخرجه أحمد في " مسنده " (١٤٠٧) ١: ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>