للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الشارع في الصلاة والصيام قد صلى وصام ذلك الجزء الذي شرع فيه، والقدر الذي شربه من الإناء هو ماء الإناء. وقرينة حاله تقتضي المنع من الكل فيقتضي الامتناع من الكل، ومتى فعل البعض فما امتنع من الكل فحنث لذلك. ولو حلف على فعل شيء لم يبرأ إلا بفعل الجميع. وفي مسألتنا تعليق الحرية على أداء الألف يقتضى وجود أدائها. فلا يثبت الحكم المعلق عليها دون أدائها؛ كمن حلف ليؤدين ألفاً لا يبرأ حتى يؤديها.

الخامس: أن موضوع الشرط في الكتاب والسنة والأحكام الشرعية (١) على

أنه لا يثبت المشروط بدون شرطه. فقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة " (٢) . فلو قال بعضها لم يستحق إلا العقوبة.

وقوله: " من أحيا أرضاً ميتة فهي له " (٣) : لا تكون له بشروعه في الإحياء.

ولو قال في المسابقة: من سبق إلى خمسة إصابات فهو سابق لم يكن سابقاً

إذا سبق إلى أربع. ولو قال: من رد ضالتي فله عليَّ دينار لم يستحقه بالشروع في ردها. فكيف تخالف موضوعات الشرع واللغة بغير دليل؟ وإنما الرواية التي جاءت عن أحمد في الأيمان فيمن حلف أن لا يفعل شيئاً ففعل بعضه يحنث؛ لأن اليمين على الترك يُقصد بها المنع فنزلت منزلة النهى والنهي عن فعل شيء يقتضي المنع من بعضه. بخلاف تعليق المشروط على الشرط.

(ويبطل) التعليق (بموته) أي: موت المعلِّق؛ لزوال ملكه زوالاً غير قابل للعود. (فقوله) أي: قول السيد لعبده: (إن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر لغو)؛ كقوله لعبد غيره: إن دخلت الدار فأنت حر.

ولأنه علق عتقه على صفة توجد بعد موته وزوال ملكه. فلم يصح؛ كما لو قال: إن دخلت الدار بعد بيعي لك فأنت حر.


(١) في ب: وأحكام الشريعة.
(٢) أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (٦٣٤٨) ٧: ٤٨.
(٣) أخرجه أبو داود في " سننه " (٧٣ ٠ ٣) ٣: ١٧٨ كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في إحياء الموات

<<  <  ج: ص:  >  >>