للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حين عتق الميت لهم؛ لأن تصرف المريض في ثلثه نافذ، وقد بان أنهم ثلث ماله، وخفاء ما ظهر من المال علينا لا يمنع كون العتق موجوداً من حينه، ويكون

ما كسبوه بعد عتقهم لهم. وإن كان قد تصرف فيهم ببيع أو نحوه كان باطلاً. (وإلا) أي: وإن لم يظهر له شيء من المال غيرهم: (جزَّأناهم ثلاثة)

أي: ثلاثة أجزاء، (كل اتنين جزءاً، وأقرع نا بينهم بسهم حرية وسهمي رق.

فمن خرج له سهم الحرية) من الأجزاء الثلاثة: (عتق، ورقَّ الباقون).

وبهذا قال عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان ومالك والشافعى وإسحاق وداود وابن جرير. وقال أبو حنيفة: يعتق من كل واحد ثلثه ويستسعي في باقيه.

وروي نحو هذا عن سعيد بن المسيب وشريح والشعبي والنخعي وقتادة وحماد؛ لأنهم تساووا في سبب الاستحقاق. فيتساوون في الاستحقاق؛ كما لو كان يملك ثلثهم وحده وهو ثلث ماله، وكما لو وصى بكل واحد لرجل.

وأنكر أصحاب أبي حنيفة القرعة وقالوا: هي من القمار وحكم الجاهلية. ولعلهم يردون الخبر في هذه المسألة لمخالفة قياس الأصول. وذكر الحديث لحماد فقال: هذا قول الشيخ- يعني: إبليس-. فقال له محمد بن ذكوان: رفع القلم عن ثلاثة أحدهم المجنون حتى يُفيق- يعني: أنك مجنون. فقال له حماد: ما دعاك إلى هذا؟ فقال له محمد: وأنت وما دعاك إلى هذا؟

وهذا قليل في جواب حماد وكان حريّاً أن يستتاب عن هذا. فإن تاب وإلا

ضربت عنقه. ولنا: ما روى عمران بن حصين: " أن رجلاً من الأنصار أعتق ستة مملوكين (١) في مرضه لا مال له غيرهم. فجزأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أجزاء. فأعتق اثنين وأرقَّ أربعة " (٢) .


(١) في ج: مماليك.
(٢) أخرجه مسلم في " صحيحه " (١٦٦٨) ٣: ١٢٨٨ كتاب الأيمان، باب من أعتق شركاً له فى عبد. وأخرجه أبو داود في " سننه " (٣٩٥٨) ٤: ٢٨ كتاب العتق، باب فيمن أعتق عييداً له لم يبلغهم الثلث. =

<<  <  ج: ص:  >  >>