للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الخطاب: وظاهر هذا أنه يبعهن مع الكراهة. فجعل هذا رواية ثانية

عن أحمد.

قال الموفق: والصحيح أن هذا ليس برواية مخالفة لقوله: إنهن لا يبعن؛

لأن السلف كانوا يطلقون الكراهة على التحريم. ومتى كان التحريم والمنع مصرحاً به في سائر الروايات عنه وجب حمل هذا اللفظ المحتمل على المصرح به، ولا يجعل ذلك اختلافاً (١) .

وحجة من أجاز بيع أمهات الأولاد ما روى جابر قال: " بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر. [فلما كان عمر نهانا فانتهينا " (٢) .

وما كان جائزا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر] (٣) لم يجز نسخه بقول عمر ولا غيره.

ولأن نسخ الأحكام إنما يجوز في عصر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النص إنما ينسخ بنص.

وإنما تحمل مخالفة عمر لهذا النص على أنه لم يبلغه ولو بلغه لم يتعده.

ولأنها مملوكة لم يعتقها سيدها ولا شيئاً منها ولا قرابة بينه وبينها؛ كما لو ولدت منه بنكاح أو شبهته؛ لأن الأصل الرق ولم يرد بزواله نص ولا إجماع. ولأن ولادتها لو كانت موجبة لعتقها لثبت العتق بها حين وجودها؛ كسائر أسبابه.

والجواب عن ذلك ما روي عن علي وابن عباس وابن الزبير: أنهم رجعوا

عن مخالفته فيكون ذلك إجماعاً.

وأما قول جابر: " بعنا امهات الأولاد على عهد رسول الله (٤) وعهد

أبي بكر " (٥) . فليس فيه تصريح بأنه كان ذلك بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم أبي


(١) في أوب: احتمالاً.
(٢) أخرجه أبو داود في " سننه " (٣٩٥٤) ٤: ٢٧ كتاب العتق، باب في عتق
أمهات الأولاد.
(٣) ساقط من ب.
(٤) في ب: النبي.
(٥) سبق تخريجه في الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>