للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [في أصناف المجتهدين]

ثم اعلم أن صاحب هذه الأوجه والاحتمالات والتخاريج لا يكون إلا مجتهداً. وينقسم المجتهد إلى أربعة أقسام:

الأول: المجتهد المطلق وهو الذي اجتمعت فيه شروط الاجتهاد المذكورة

في كتاب القضاء إذا استقل بإدراك الأحكام الشرعية عن الأدلة الشرعية العامة

والخاصة وأحكام الحوادث منها ولا يتقيد بمذهب أحد.

قال في " آداب المفتي والمستفتي ": ومن زمن طويل عدم المجتهد المطلق

مع أنه الآن أيسر منه في الزمن الأول؛ لأن الحديث والفقه قد دُوّنا، وكذا

ما يتعلق بالاجتهاد من الآيات والاثار وأصول الفقه والعربية وغير ذلك. لكن

الهمم قاصرة والرغبات فاترة ونار الجد والحذو خامدة، وعين الخوف والخشية

جامدة، اكتفاء بالتقليد واستغناء عن التعب الوكيد، وهربا من الأثقال - وهو

فرض كفاية قد أهملوه وملوه ولم يعقلوه ليفعلوه. انتهى.

قال في " الإنصاف ": قلنا قد ألحق جماعة من الأصحاب المتأخرين

بأصحاب هذا القسم: الشيخ تقي الدين بن تيمية، وتصرفاته في فتاويه وتصانيفه

تدل على ذلك.

القسم الثاني: مجتهد في مذهب إمامه وإمام غيره. وأحواله أربعة:

الأولى: أن يكون غيز مقلد لإمامه (١) في الحكم والدليل، لكن سلك طريقه

في الاجتهاد والفتوى، ودعا إلى مذهبه، وقرأ كثيراً منه على أهله فوجده صواباً

فأولى من غيره وأشد موافقة فيه وفي طريقه.


(١) في أ: الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>