للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثانية: أن يكون مجتهداً في مذهب إمامه مستقلاً بتقديره بالدليل،

لكن لا يتعدى أصوله وقواعده مع إتقانه للفقه وأصوله وأدلة مسائله [أي مسائل

الفقه] (١) عالماً بالقياس ونحوه، تام الرياضة قادراً على التخريج والاستنباط،

وإلحاق الفروع بالأصول، والقواعد التي لإمامه. وهذا شأن أهل الأوجه

والطرق في المذاهب. وهو حال أكثر علماء الطوائف الان. فمن علم بفتيا هذا

فقد قلد إمامه دونه؛ لأنه مقر له على إضافة ما يقول إلى إمامه لعدم استقلاله

بتصحيح نسبته إلى الشارع بلا واسطة إمامه. والظاهر أنه لا بد من معرفة ما يتعلق

بذلك من حديث ولغة ونحو. فالمجتهد في مذهب أحمد مثلاً إذا أحاط بقواعد

مذهبه وتدرب في قياسه وتصرفاته ينزل من إلحاق منصوصاته وقواعد مذهبه،

بمنزلة المجتهد المستقل في إلحاقه ما لم ينص عليه الشارع بما (٢) نص عليه.

وهذا أقدر (٣) على ذا من ذاك فانه يجد في مذهب إمامه قواعد ممهدة وضوابط

مهذبة ما لم يجده المستقل في أصول الشارع ونصوصه. والحاصل أن المجتهد

في مذهب إمامه هو الذي يتمكن من التفريع على أقواله كما يتمكن المجتهد

المطلق من التفريع على كل ما انعقد عليه الإجماع ودل عليه الكتاب والسنة والاستنباط.

وليس على المجتهد أن يفتي في كل مسألة بل يجب عليه أن يكون على بصيرة

فيما يفتي به.

الحالة الثالتة: أن لا يبلغ باجتهاده رتبة أئمة المذاهب أصحاب الوجوه

والطرق غير أنه فقيه النفس حافظٌ لمذهب إمامه عارفٌ بأدلته قائمٌ بتقديره ونصرته، يصور ويحرر، ويمهد ويقرر، ويوقف ويرجح، لكنه قصر عن درجة

أولئك: أما لكونه لم يبلغ في حفظ المذهب مبلغهم.

وأما لكونه غير متبحر في أصول الفقه ونحوه. على أنه لا يخلو مثله في


(١) ساقط من أ.
(٢) في ج: ما.
(٣) في ج: قوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>