للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه قصص في مظنة الشهرة ولم تنكر فكانت كالإجماع.

ولأن التقديم في الحضانة لحق الولد فيقدم من هو أشفق، ومن حظ الولد

عنده أكبر. واعتبرنا الشفقة بمظنتها إذا لم يكن اعتبارها بنفسها. فإذا بلغ الغلام

حدا يعرب فيه عن نفسه ويميز بين الإكرام وضده فمال إلى أحد الأبوين دل على

أنه أرفق به وأشفق عليه فقدم بذلك. وقيدناه بالسبع، لأنها أول حال أمر الشارع

فيه بمخاطبته بالأمر بالصلاة.

ولأن الأم قدمت في حال الصغر، لحاجته إلى من يحمله ويباشر خدمته "

لأنها أعرف بذلك وأقوم به. فإذا استغنى عن ذلك تساوى والداه لقربهما منه.

فرجح باختياره.

(فإن اختار أباه: كان عنده ليلا ونهارا)، لأن الأب مستحق. فالزمان كله

متعين له، كما في الطفل.

(ولا يمنع زيارة أمه)، لأن في منعه من ذلك إغراء له بالعقوق وقطيعة

الرحم (١) .

(ولا) تمنع (هي تمريضه) إن مرض بدارها، لأنه صار بالمرض كالصغير

في الحاجة إلى من يخدمه ويقوم بأمره، والنساء أعرف بذلك. فكانت أولى من

غيرها.

(وإن اختارها) أي: اختار الصبي أمه: (كان عندها ليلا) فقط؛ لأنه

وقت السكن وانحياز الرجال إلى المنازل، (و) كان (عنده) أي: عند الأب

(نهارا)، لأنه وقت التصرف في قضاء الحاجات وعمل الصنائع، (ليؤدبه

ويعلمه)، لئلا يضيع حظه من ذلك.

(وإن) اختار الصبي أحد أبويه ثم (عاد فاختار الآخر نقل إليه، ثم أن اختار

الأول: رد إليه) وهكذا أبدا كلما اختار أحدهما نقل إليه؛ لأنه اختيار شهوة

لحظ نفسه. فاتبع ما يشتهيه، كما يتبع ما يشتهيه من المأكول.


(١) في لا: للرحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>