للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في " المقنع ": وظاهر كلام الخرقي: أن الدية لا تغلظ بشيء من ذلك. وهو ظاهر الآية والأخبار. يعني: لقوله سبحانه وتعالى: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتخرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) [النساء: ٩٢] وهذا يقتضي أن تكون الدية واحدة في كل مكان وكل حال.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: " في النفس المؤمن مائة من الإبل " (١) ، لم يزد على ذلك وعلى أهل الذهب ألف مثقال.

وفي حديث أبي شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وأنتم يا خزاعة قتلتم هذا القتيل

من هذيل. وأنا والله عاقله (٢) . فمن قتل له قتيل بعد ذلك فأهله بين خيرتين: أن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية " (٣) . وهذا القتيل كان بمكة في حرم الله سبحانه وتعالى، ولم يزد النبي صلى الله عليه وسلم على الدية، ولم يفرق بين الحرم وغيره. (وإن قتل مسلم كافرا) ذمياً أو معاهداً (عمداً: أضعفت ديته) أي: دية الكافر على المسلم؛ لإزالة القود، كما حكم عثمان رضي الله تعالى عنه. روى أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه " أن رجلاً قتل رجلاً من أهل الذمة. فرفع إلى عثمان. فلم يقتله، وغلظ عليه الدية ألف دينار " (٤) . فذهب إليه أحمد رضي الله تعالى عنه.

ولأحمد نظائر لذلك في مذهبه فإنه أوجب على الأعور إذا قلع عين صحيح مماثلة لعينه: دية كاملة؛ لما امتنع عنه القصاص. وأوجب على سارق الثمر المعلق مثلي قيمته؛ لما درأ عنه القطع.

والذي ذهب إليه جماهير العلماء: أن دية الذمي في العمد والخطأ واحد؛ لعموم الأخبار فيها، وكما لو قتل حر عبداً عمداً فإنها لا تضعف القيمة عليه.


(١) سبق تخريجه ص (٣١٩) رقم (٢).
(٢) في ب: عاقلته.
(٣) أخرجه أبو داود في " سننه " (٤ ٠ ٥ ٤) ٤: ١٧٢ كتاب الديات، باب ولي العمد يرضى بالدية.
(٤) أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ٨: ٣٣ كتاب الجنايات، الروايات فيه عن عثمان رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>