للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن عقبة بن عامر قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: " إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا

فما ترى؟ فقال: إن نزلتم بقومٍ فأمُروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذى ينبغي لهم " (١) . متفق عليهما.

فأمر في الأول بإكرام الضيف جائزته، وفي الثانى أباح لهم الأخذ إذا لم يفعلوا. ولو لم يجب لهم شيء لم يأمرهم بالأخذ؛ لأنه أمرهم بالأخذ مع منعهم لذلك.

وإنما وجب ذلك في القرى دون الأمصار؛ لما روى المقدام بن أبي كريمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من نزل بقوم فعليهم أن يُقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه " (٢) . رواه أحمد وأبو داود.

ولحديث عقبة: " إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا " فظاهر هذا أنه للمسافر المجتاز لقوله: " من نزل بقوم " ويختص بأهل القرى؛ لأن القوم إنما ينصرف إلى الجماعات دون أهل الأمصار.

ولأن القرى مظنة الحاجة إلى الضيافة والإيواء، فإن القرية يبعد فيها البيع والشراء. فوجب ضيافة المجتاز إذا نزل بها، وإيواؤه؛ لوجوب حفظ الناس. فأما المصر فإنه يكون فيه السوق والمساجد فلا يحتاج مع ذلك الى الضيافة.

(و) يجب عليه أيضاً (إنزاله) أي: إنزال الضيف (ببيته) أي: بيت المضيف (مع عدم مسجد وغيره)؛كخان ورباط ينزل فيه.

(فإن أبى) من نزل به الضيف أن يضيفه: (فللضيف طلبه به) أي: بقدر ما وجب له بنزوله عنده (عند حاكم).

قال أحمد: له أن يطالبه بحقه الذي جعله له النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) أخرجه البخاري في " صحيحه " (٥٧٨٦) ٥: ٢٢٧٣ كتاب الأدب، باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه.
وأخرجه مسلم في " صحيحه " (١٧٢٧) ٣: ١٣٥٣ كتاب اللقطة، باب الضيافة ونحوها.
(٢) أخرجه أبو داود في " سننه " (٤٦٠٤) ٤: ٢٠٠ كتاب السنة، باب في لزوم السنة.
وأخرجه أحمد في " مسنده " (١٧٢١٤) ٤: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>