للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولا يقدح فيه) يعني: ولا يقدح في عدالة الشاهد شهادته قبل أن يسأله صاحب الحق الشهادة (كشهادة حِسبة).

قال في " الفروع ": (ويقيمها بطلبه ولو لم يطلبها حاكم، ويحرُم كتمها).انتهى.

(وإلا) أي: وإن لم يعلم رب الحق بأن هذا عنده شهادة له: (استُحبَّ) لمن عنده الشهادة (إعلامُه) اي: إعلام رب الحق بأن عنده له شهادة (قبل إقامتِها) وله إقامتها قبل إعلامه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها" (١) . رواه مسلم.

وترك إطلاق هذا الحديث لأجل الحديث الآخر جمعاً بينهما.

قال في " الإنصاف ": هذا المذهب. وقطع به الأكثر وأطلقوا. وقال الشيخ تقى الدين: الطلب (٢) العرفي أو الحالي كاللفظي، علمها أو لا.

قلت: هذا عين الصواب.

ويجب عليه إعلامه إذا لم يعلم بها وهذا مما لا شك فيه. انتهى كلامه في"الإنصاف".

(ويجب إشهادٌ على نكاح)، لأن الإشهاد شرط فيه فلا ينعقد بدونه.

(ويُسن) الإشهاد (في كل عقدٍ سواه) أي: سوى النكاح، كالبيع والإجارة والرهن ونحو ذلك؛ لأن ذلك ليس من شرطه الإشهاد. ويحمل قوله سبحانه وتعالى: {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] على الاستحباب؛ لأنه قال بعده: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣] وهذا إنما يكون مع عدم الشهادة. فدل على أن المراد بالأمر: الاستحباب.

(ويحرُم أن يشهد) أحد (إلا بما يعلمه)؛بدليل قوله سبحانه وتعالى: {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦].


(١) أخرجه مسلم في"صحيحه" (١٧١٩) ٣: ١٣٤٤ كتاب الأقضية، باب بيان خير الشهود.
(٢) في أ: المطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>