للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المفسرون هنا: وهو يعلم ما شهد به عن بصيرة وإتقان. ومعناه: لكن من شهد بالحق فيكون الاستثناء منقطعاً.

وقال ابن عباس: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة. قال: ترى الشمس؟ قال على مثلها فاشهد أو دع " (١) . رواه الخلال في " جامعه ".

وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: ٣٦].

وتخصيص هذه الثلاثة بالسؤال؛ لأن العلم بالفؤاد وهو يستند إلى السمع والبصر؛ لأن مدرك الشهادة غالباً: الرؤية والسماع، وهما بالبصر والسمع.

قال القرافي في الفرق السادس والعشرين والمائتين: تنبيه: اعلم أن قول العلماء: لا يجوز الشهادة إلا بالعلم ليس على ظاهره، فإن ظاهره يقتضي: أنه لا يجوز أن يؤدي إلا ما هو قاطع به وليس كذلك، بل جائز له الأداء بما عنده من الظن الضعيف في كثير من الصور، بل المراد بذلك أن يكون أصل المدرك علماً فقط. فلو شهد بقبض (٢) الدين جاز أن يكون الذي عليه الدين قد دفعه فتجوز الشهادة عليه بالاستصحاب الذي لا يفيد إلا الظن الضعيف، وكذلك الثمن في المبيع (٣) مع احتمال دفعه، ويشهد بالملك الموروث لوارثه مع جواز بيعه بعد أن ورِثه، ويشهد بالإجارة ولزوم الأجرة مع جواز الإقالة بعد ذلك بناء على الاستصحاب. والحاصل في هذه الصور كلها هو الظن الضعيف، ولا يكاد


(١) أخرجه البيهقي في"السنن الكبرى"١٠: ١٥٦ كتاب الشهادات؛ باب التحفظ في الشهادة والعلم بها. نحوه.
وأخرجه الحاكم في "مستدركه" (٧٠٤٥) ٤: ١١٠ كتاب الأحكام. وصححه. قال ابن حجر: [أخرجه] العقيلي والحاكم وأبو نعيم في "الحلية"وابن عدي والبيهقي من حديث طاووس عن ابن عباس، وصححه الحاكم، وفي إسناده محمد بن سليمان بن مسمول. وهو ضعيف، وقال البيهقي: لم يرو من وجه يعتمد عليه. "تلخيص الحبير " ٤: ١٩٨.
(٢) في أوب: نقيض.
(٣) في ب: البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>