أما من جهة المعنى: فأنه إذا كان قد ولى بأكثر منها، فليس معنا حاجة داعية
إلى الشهادة بالبعض. بخلاف العكس فأنه إذا لم يول بأكثر منها، فالحاجة داعيه إلى الشهادة بالبعض. وهو المقدار الذي يحكم به. ولهذا لم يذكر الشيخ في " المقنع "
وهذا القيد، ولا " الكافي "" لأنه- والله أعلم- فهم أنه ليس بقيد يحترز به.
ولا يقال: أنه لم يطلع عليه، لأنه في كلام أبي الخطاب وهو قد نقل كلامه.
وأما النقل فقال الإمام أحمد: إذا قال: اشهد على مائة درهم، ومائة درهم، ومائة درهم، فشهد على مائة دون مائة: كره. إلا أن يقول: أشهدوني على مائة ومائة ومائة يحكيه كله للحاكم كما كأن.
وقال الإمام أحمد: إذا شهد على ألف وكان الحاكم لا يحكم إلا على مائة ومائتين. فقال صاحب الحق: أريد أن تشهد لي على مائة لم يشهد إلا بالألف. وأطال الكلام على ذلك ولعل في كلام " المحرر " تقديم وتأخير تقديره
- والله سبحانه وتعالى أعلم-: وأجازه أبو الخطاب إذا كأن الحاكم لم يول الحكم بأكثر منها.
(ولو شهد اثنان- في محفل- على واحد منهم: أنه طلق أو أعتق، أو على خطيب: أنه قال أو فعل على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما، مع المشاركة في سمع وبصر: قبلا). ذكره في " المغني " وغيره.
(ولا يعارضه) أي: يعارض ما تقدم (قول الأصحاب: إذا انفرد) شاهد (واحد فيما) أي: في نقل شيء (تتوفر الدواعي على نقله) أي: تدعو الحاجة إلى نقله، (مع مشاركة) خلق (كثيرين، رد) قوله، للفرق بين ما إذا شهد واحد، وبين ما إذا شهد اثنان، وبين تقييدهم بكون ذلك الشيء مما تتوفر الدواعي على نقله، وبين عدم ذلك القيد. والله سبحانه وتعالى أعلم.