للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجنس. فلم يصح؛ لأن الاستثناء صرف اللفظ بحرف الاستثناء عما كان يقتضيه لولاه، وغير الجنس ليس بداخل في الكلام. فإذا ذكره فما صرف الكلام عن صوبه فلا يكون استثناء. وإنما سمي استثناء تجوزا وإنما هو في الحقيقة استدراك. وإلا الواردة في نحو قول الشاعر:

وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس (١)

بمعنى: لكن. هكذا قال أهل العربية منهم ابن قتيبة، وحكاه عن سيبويه. والاستدراك لا يأتى إلا بعد الجحد، ولذلك لم يأت الاستثناء في (٢) كتاب الله سبحانه وتعالى من غير الجنس (٣) إلا بعد النفي، ولا يأتي بعد الإثبات إلا أن يوجد بعده جملة.

إذا تقرر هذا فلا مدخل للاستدراك في الإقرار؛ لأنه إثبات للمقر به. فإذا

ذكر الاستدراك بعده كان باطلا. وإن ذكر بعده جملة كأنه قال: له عندي مائة درهم إلا ثوبا لي عليه، فمكون مقرا بشيء مدعيا لشيء سواه. فيقبل إقراره وتبطل دعواه.

(ويصح الاستثناء من الاستثناء)؛ لقوله سبحانه وتعالي: {قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ}

] الحجر: ٥٨ - ٦٠].

ولأن الاستثناء إبطال، والاستثناء منه رجوع إلى موجب الإقرار.

إذا تقرر هذا (فـ) من قال عن إنسان: (له علي سبعة، إلا ثلاثة، إلا درهما)، فإنه (يلزمه خمسة)؛ لأنه كما صح الاستثناء من الأصل صح من المستثنى، فيعود كل استثناء إلى ما قبله. فيعود استثناء الدراهم إلى الثلاثة فيبقى درهمان، تعود إلى السبعة فيبقى خمسة وهي المقر بها.


(١) في ج: وبلدة ليس فيها أنيس إلا العيافير ولا العيس.
(٢) في ب: من.
(٣) فى ب: تمييزاً لجنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>