إِلَى أَنْ تَغْرُبَ» ". وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ {يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: ٤] فَقِيلَ مَا أَطْوَلَ هَذَا الْيَوْمَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لِيُخَفَّفُ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِ أَخَفَّ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ» ".
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طُرُقٍ أَحَدُهَا صَحِيحٌ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
" «يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ قِيَامًا أَرْبَعِينَ سَنَةً شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ الْقَضَاءِ» ". الْحَدِيثَ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَقُومُونَ سَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: مِقْدَارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا، وَلَفْظُهُ: " «أَمَّا مَقَامُ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأَلْفُ سَنَةٍ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ» ".
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ: «يَمْكُثُونَ أَلْفَ عَامٍ فِي الظُّلْمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَتَكَلَّمُونَ» .
وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقِيَامِ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ فِيهِ صَفًّا قَالَ تَعَالَى {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: ٣٨] قَالَ الْقُرْطُبِيُّ:
الْقِيَامَةُ قِيَامَتَانِ، صُغْرَى وَكُبْرَى، الصُّغْرَى مَا تَقُومُ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ فِي خَاصَّتِهِ مِنْ خُرُوجِ رُوحِهِ وَانْقِطَاعِ سَعْيِهِ وَحُصُولِهِ عَلَى عَمَلِهِ، وَالْكُبْرَى هِيَ الَّتِي تَعُمُّ النَّاسَ وَتَأْخُذُهُمْ أَخْذَةً وَاحِدَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ قَامَتْ قِيَامَتُهُ «قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْمٍ مِنَ الْأَعْرَابِ سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ، فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ فَقَالَ " إِنْ يَعِشْ هَذَا حَتَّى يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
خَرَجْتُ مِنَ الدُّنْيَا وَقَامَتْ قِيَامَتِي ... غَدَاةَ أَقَلَّ الْحَامِلُونَ جِنَازَتِي
وَعَجَّلَ أَهْلِي حَفْرَ قَبْرِي وَصَيَّرُوا ... خُرُوجِي وَتَعْجِيلِي إِلَيْهِ كَرَامَتِي
(لَطِيفَةٌ) سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَهْوَ مِنَ الدُّنْيَا أَمْ مِنَ الْآخِرَةِ؟ قَالَ: صَدْرُ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الدُّنْيَا، وَآخِرُهُ مِنَ الْآخِرَةِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا " «لَوْ أَنَّ رَجُلًا يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمَ وُلِدَ إِلَى يَوْمَ يَمُوتُ هَرَمًا فِي