أَحَقُّ بِذَلِكَ مِمَّنْ عَدَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ لَوْ دَعَا لَهُ لَقَامَ آخَرُ وَآخَرُ، وَانْفَتَحَ الْبَابُ، وَرُبَّمَا قَامَ مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ فَكَانَ الْإِمْسَاكُ أَوْلَى.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ " «وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَثَلَاثَةُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي» ". وَيُرْوَى " حَفَنَاتٍ " بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْغَرْفُ مِلْءُ الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ الْحَثْيَةُ بِالْيَدِ، وَالْحَفْنَةُ بِالْيَدَيْنِ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَيْهِمْ فَقَالَ:
" إِنَّ رَبِّي خَيَّرَنِي بَيْنَ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَفْوًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَبَيْنَ الْخَبِيئَةِ عِنْدَهُ لِأُمَّتِي " فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: أَيُخَبِّأُ ذَلِكَ رَبُّكَ؟ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ يُكَبِّرُ فَقَالَ: " إِنَّ رَبِّي زَادَنِي مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَالْخَبِيئَةُ عِنْدَهُ ". فَقِيلَ:
يَا أَبَا أَيُّوبَ، وَمَا نَظُنُّ خَبِيئَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَأَكَلَهُ النَّاسُ بِأَفْوَاهِهِمْ فَقَالُوا:
مَا أَنْتَ وَخَبِيئَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ دَعُوهُ أُخْبِرْكُمْ عَنْ خَبِيئَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ خَبِيئَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ رَبِّ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ مُصَدِّقًا لِسَانَهُ قَلْبُهُ فَأُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ» ، الْخَبِيئَةُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ وَهَمْزَةٍ بِوَزْنِ خَطِيئَةٍ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «سَأَلْتُ رَبِّي فَوَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَاسْتَزَدْتُهُ فَزَادَنِي مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا فَقُلْتُ: أَيْ رَبِّ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مُهَاجِرِي أُمَّتِي؟ قَالَ:
إِذَنْ أُكْمِلَهُمْ لَكَ مِنَ الْأَعْرَابِ» ". وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: تَغَيَّبَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةً لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ ثُمَّ يَرْجِعُ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ، خَرَجَ إِلَيْنَا فَقُلْنَا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ احْتَبَسْتَ عَنَّا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ حَدَثٌ، قَالَ:
" «لَمْ يَحْدُثْ إِلَّا خَيْرٌ، إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي وَعَدَّنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ الْمَزِيدَ فَوَجَدْتُ رَبِّي مَاجِدًا كَرِيمًا فَأَعْطَانِي