جَهَنَّمَ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: مَا رَأَيْتُ يَهُودِيًّا أَصْدَقَ مِنْ فُلَانٍ زَعَمَ أَنَّ نَارَ اللَّهِ الْكُبْرَى هِيَ الْبَحْرُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ ثُمَّ بَعَثَ عَلَيْهِ الدَّبُورَ فَسَعَّرَتْهُ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: ٦] قَالَ الْبَحْرُ يُسْجَرُ فَيَصِيرُ جَهَنَّمَ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَامَتِ الْقِيَامَةُ أُمِرَ بِالْغَلَقِ فَيُكْشَفُ عَنْ سَقَرَ، وَهُوَ غِطَاؤُهَا فَتَخْرُجُ مِنْهُ، فَإِذَا وَصَلَتْ إِلَى الْبَحْرِ الْمُطْبِقِ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ وَهُوَ بَحْرُ الْبُحُورِ نَشَّفَتْهُ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْنِ، وَهُوَ حَاجِزٌ بَيْنَ جَهَنَّمَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ، فَإِذَا نَشَفَ اشْتَعَلَتْ فِي الْأَرَضِينَ السَّبْعِ فَتَدَعُهَا جَمْرَةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ: إِنَّ النَّارَ فِي السَّمَاءِ كَالْجَنَّةِ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَلَمْ نُزَايِلْ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَنَا وَجِبْرِيلُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَفُتِحَتْ لَنَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَرَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ» ". وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فِي السَّمَاءِ فَقَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ {وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: ٢٢] فَكَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْهَا» ".
وَلَيْسَ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ النَّارَ فِي السَّمَاءِ لِجَوَازِ أَنْ يَرَاهَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ، وَهَذَا الْمَيِّتُ يَرَى وَهُوَ فِي قَبْرِهِ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَيْسَتِ الْجَنَّةُ فِي الْأَرْضِ، وَثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَآهُمَا وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ إِنْ ثَبَتَ وَفِيهِ أَنَّهُ رَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فِي السَّمَاءِ، فَالسَّمَاءُ ظُرْفٌ لِلرُّؤْيَةِ لَا لِلْمَرْئِيِّ. وَفِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ جِدًّا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ» ، فَلَوْ صَحَّ حُمِلَ مَا ذَكَرْنَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَنَّةَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَسَقْفُهَا الْعَرْشُ، وَأَنَّ النَّارَ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَصَحَّحَ وُجُودَهُمَا الْآنَ وَبَقَائَهُمَا أَبَدًا بِلَا نِهَايَةٍ وَلَا حِسَابٍ، وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَكَانِهِمَا أَعْقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute