عَلَيْهِمْ أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالتَّوَاتُرِ وَالضَّرُورَةِ، فَالْمُتَعَلِّقُ بِهَذَا هَذَّاءٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ
" وَ " الرَّابِعَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: وَخَصَّهُ بِـ ((مُعْجِزِ الْقُرْآنِ)) الَّذِي أَذْعَنَ لِإِعْجَازِهِ الثَّقَلَانِ، وَأَحْجَمَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ مَصَاقِيعُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَاعْتَرَفَ بِالْعَجْزِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِأَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ أَهْلُ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ مِنْ سَائِرِ الْأَدْيَانِ كَمَا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفَيًا فِي مَبْحَثِ الْقُرْآنِ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ، فَرَاجِعْهُ تَظْفَرْ بِمَقْصُودِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةُ) : مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ " كُنْ " بِمَا اخْتَصَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِـ ((الْمِعْرَاجِ)) إِلَى السَّمَوَاتِ الْعُلَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى إِلَى مُسْتَوًى سَمِعَ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ رِجَالِهِ: كَانَ الْمَسْرَى وَالْمِعْرَاجُ فِي لَيْلَةِ السَّبْتِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْمَبْعَثِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ قَالُوا: أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ. وَادَّعَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ: سَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا الْفَضْلِ يَقُولُ: قَالَ قَوْمٌ: كَانَ الْإِسْرَاءُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَمَنْ قَالَ بِسَنَةٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَمَنْ قَالَ بِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي رَجَبٍ، وَمَنْ قَالَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَيْلَةَ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ. قُلْتُ: وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ الْحَنْبَلِيُّ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ، وَكَانَ الْمِعْرَاجُ إِلَى السَّمَاءِ بِجَسَدِهِ الشَّرِيفِ وَرُوحِهِ الْمُقَدَّسَةِ كَالْإِسْرَاءِ مِنْ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى السَّمَاءِ، أُحِقُّ هَذَا ((حَقًّا)) ثَابِتًا، وَأَجْزِمُ جَزْمًا بَاتًّا ((بِلَا مَيْنٍ)) أَيْ: بِلَا امْتِرَاءٍ وَلَا رَيْبٍ، يُقَالُ مَانَ يَمِينُ: كَذَبَ فَهُوَ مَائِنٌ وَمَيُونٌ وَمَيَّانٌ ((وَلَا اعْوِجَاجٍ)) يُقَالُ اعْوَجَّ اعْوِجَاجًا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ، قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute