لِلشَّيَاطِينِ عَلَيْهِمَا سَبِيلٌ. فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَقَدِ اتَّخَذْتُكَ حَبِيبًا - قَالَ الرَّاوِي: وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ حَبِيبُ اللَّهِ - وَأَرْسَلْتُكَ لِلنَّاسِ كَافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَشَرَحْتُ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ، وَرَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ، لَا أُذْكَرُ إِلَّا تُذْكَرُ مَعِي، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ أَمَةً وَسَطًا، وَجَعَلْتُ أَمَّتَكَ هُمُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ لَا تَجُوزُ لَهُمْ خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي، وَجَعَلْتُ مِنْ أُمَّتِكَ أَقْوَامًا قُلُوبُهُمْ أَنَاجِيلُهُمْ، وَجَعَلْتُكَ أَوَّلَ النَّبِيِّينَ خَلْقًا وَآخِرَهُمْ بَعْثًا، وَأَوَّلَ مَنْ يُقْضَى لَهُ، وَأَعْطَيْتُكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي لَمْ أُعْطِهَا نَبِيًّا قَبْلَكَ، وَأَعْطَيْتُكَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ لَمْ أُعْطِهَا نَبِيًّا مِنْ قَبْلِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ الْكَوْثَرَ، وَأَعْطَيْتُكَ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ: الْإِسْلَامُ وَالْهِجْرَةُ، وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ، وَالصَّلَاةُ وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِنِّي يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَرَضْتُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً - كُلُّ هَذَا الْخِطَابِ فِي حَالِ قُرْبِهِ مِنْ رَبِّ الْعَالِمَيْنِ - ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَفَّفَ عَنْ عِبَادِهِ الْفِعْلَ مِنْ خَمْسِينَ إِلَى خَمْسٍ، وَأَبْقَى لَهُمْ ثَوَابَ الْخَمْسِينَ تَفْضِيلًا مِنْهُ تَعَالَى، وَتَكَرُّمًا عَلَى نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى أُمَّتِهِ بِبَرَكَتِهِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَصَلَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى غَشِيَتْهُ سَحَابَةٌ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، فَتَأَخَّرَ جِبْرِيلُ ثُمَّ عُرِجَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى وَصَلَ لِمُسْتَوًى سَمِعَ فِيهِ صَرِيرَ الْأَقْلَامِ فَدَنَا مِنَ الْحَضْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ حَتَّى كَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، أَيْ: أَوْ أَقْرَبَ، أَيْ: بَلْ أَقْرَبَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ انْجَلَتْ عَنْهُ السَّحَابَةُ فَأَخَذَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ، فَانْصَرَفَ سَرِيعًا فَمَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ أَتَى عَلَى مُوسَى، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَنِعْمَ الصَّاحِبُ كَانَ لَكُمْ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ مَا فَرَضَ عَلَيْكَ رَبُّكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ؟ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَرَضَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ عَنْكَ وَعَنْ أُمَّتِكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَإِنِّي خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَبَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَالَجْتُهُمْ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا وَتَرَكُوهُ، فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَأَبْدَانًا وَقُلُوبًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جِبْرِيلَ يَسْتَشِيرُهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ، فَرَجَعَ سَرِيعًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى الشَّجَرَةِ، فَغَشِيَتْهُ السَّحَابَةُ وَخَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute