ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَصَحَّ أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ يَوْمَ مَوْتِهِ وَنَاحَتِ الْجِنُّ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ ثَلَاثِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهَا، فَقَالَ: إِنْ وَفَّى مَالُ آلِ عُمَرَ أَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِلَّا فَاسْأَلْ فِي بَنِي عَدِيٍّ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَاسْأَلْ فِي قُرَيْشٍ، وَاذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ أَنْ يُدْفَنَ عِنْدَ صَاحِبَيْهِ، فَذَهَبَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ - تَعْنِي الْمَكَانَ - لِنَفْسِي، وَاللَّهِ لَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: قَدْ أَذِنَتْ. فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأُوصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأُوصِيهِ بِالْأَمْصَارِ خَيْرًا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَلَّى عَلَيْهِ صُهَيْبٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَخَرَجَ النَّاسُ يَمْشُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ أَمَامَهُمْ، فَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَدْخِلُوهُ. فَأُدْخِلَ فَوُضِعَ هُنَاكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى رَسُولِهِ وَحَبِيبِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رُوِيَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسُمِائَةٍ وَسَبْعَةُ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا، أُخْرِجَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْهَا أَحَدٌ وَثَمَانُونَ، اتَّفَقَا عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ، وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَمُسْلِمٌ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ.
(تَنْبِيهٌ (اعْلَمْ أَنَّ خِلَافَةَ سَيِّدِنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُرَتَّبَةٌ وَلَازِمَةٌ لِحَقِّيَّةِ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ الْأَعْظَمِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ وَإِشَارَاتُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى حَقِّيَةِ خِلَافَتِهِ، فَمَا ثَبَتَ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الصِّدِّيقُ مِنْ حَقِّيَّةِ الْخِلَافَةِ يَثْبُتُ لِفَرْعِهِ الَّذِي هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيهَا، فَلَا مَطْمَعَ لِأَحَدٍ مِنْ فِرَقِ الضَّلَالِ فِي الطَّعْنِ وَالنِّزَاعِ فِي حَقِّيَّةِ الْخِلَافَةِ، وَقَدْ عَلِمَ أَهْلُ الْعِلْمِ عِلْمًا بَاتًّا ضَرُورِيًّا أَنَّ الصَّحَابَةَ الْكِرَامَ أَجْمَعُوا عَلَى تَوْلِيَةِ الصِّدِّيقِ الْخِلَافَةَ، وَمَنْ شَذَّ لَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مِرْيَةٍ.
فَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدُ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدُ اللَّهِ سَيِّئٌ ". وَقَدْ رَأَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute