للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَأْذَنُ لِكَافِرٍ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ، حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ غُلَامًا عِنْدَهُ صَنَائِعُ يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يَدْخُلَ الْمَدِينَةَ، وَيَقُولَ: إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالًا كَثِيرَةً فِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ، وَأَنَّهُ حَدَّادٌ وَنَقَّاشٌ وَنَجَّارٌ، فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُرْسِلَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ يَشْتَكِي شِدَّةَ الْخَرَاجِ، فَقَالَ لَهُ: مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ. فَانْصَرَفَ سَاخِطًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُولُ: لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ؟ فَالْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ عَابِسًا وَقَالَ: لَأَضَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَوْعَدَنِي الْعَبْدُ وَهُوَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ، ثُمَّ إِنَّهُ الْخَبِيثُ اشْتَمَلَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ، فَكَمَنَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْمَسْجِدِ فِي الْغَلَسِ، فَلَمْ يَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى خَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ طَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَطَعَنَ مَعَهُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مَاتَ مِنْهُمْ سِتَّةً، فَأَلْقَى عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ ثَوْبًا فَلَمَّا اغْتَمَّ فِيهِ قَتَلَ نَفْسَهُ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ يَصْنَعُ الْأَرْحَاءَ، وَحُمِلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى أَهْلِهِ وَكَادَتْ تَطْلُعُ الشَّمْسُ، فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالنَّاسِ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ، وَأُتِيَ عُمَرُ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ، فَسَقَوْهُ لَبَنًا فَخَرَجَ ثَانِيًا، فَقَالُوا: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ. فَقَالَ: إِنْ يَكُنْ فِي الْقَتْلِ بَأْسٌ فَقَدْ قُتِلْتُ. فَجَعَلَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ كُنْتَ وَكُنْتَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَ، وَأَنَّ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلِمَتْ لِي، فَأَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمُطَّلَعِ، وَقَدْ جَعَلْتُهَا شُورَى فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعْدٍ، وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ: يَشْهَدُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَإِنْ أَصَابَتِ الْإِمْرَةُ سَعْدًا فَهُوَ ذَاكَ، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ مِنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ، وَأَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ مَجُوسِيًّا وَكَانَ اسْمُهُ فَيْرُوزُ. وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ لَا يَدَّعِي الْإِسْلَامَ. وَكَانَتْ إِصَابَتُهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>