عَشَرَ، وَقِيلَ: لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَ تَعَاقُدُهُمْ وَتَعَاهُدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةَ، فَضِمْنَ ابْنُ مُلْجَمٍ قَتْلَ عَلِيٍّ، فَقِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ لَكَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: أَغْتَالُهُ. وَضَمِنَ الْبَرْكُ قَتْلَ مُعَاوِيَةَ، وَضَمِنَ دَاذَوَيْهِ قَتْلَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَزَعَمُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ قَدْ أَفْسَدُوا أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَوْ قَتَلُوا لَعَادَ الْأَمْرُ إِلَى مُسْتَحِقِّيهِ كَذَا زَعَمُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، فَتَوَجَّهَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى صَاحِبِهِ، فَأَمَّا الْبَرْكُ الصَّرِيمِيُّ فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِدِمَشْقَ فَضَرَبَهُ فَجَرَحَ أَلْيَتَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَطَعَ عِرْقَ النَّسْلِ مِنْهُ فَمَا أَحَبْلَ النِّسَاءَ بَعْدَ تِلْكَ الضَّرْبَةِ، وَأَمَّا دَاذَوَيْهِ بْنُ حُذَافَةَ الْعَنْبَرِيُّ فَقَدِمَ مِصْرَ لِقَتْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ اسْتَخْلَفَ عَلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ خَارِجَةَ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ الْقُرَشِيَّ الْعَدَوِيَّ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَكَانَ أَمِيرُ رُبْعِ الْمَدَدِ الَّذِينَ أَمَدَّ بِهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي فَتْحِ مِصْرَ، وَكَانَ عَلَى شُرَطِ مِصْرَ فِي إِمْرَةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، قَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ: كَانَ خَارِجَةُ بْنُ حُذَافَةَ هَذَا أَحَدُ فُرْسَانِ قُرَيْشٍ فَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَعْدِلُ بِأَلْفِ فَارِسٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَكَانَ كَتَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْتَمِدُّهُ بِثَلَاثَةِ آلَافِ فَارِسٍ فَأَمَدَّهُ بِخَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
فَأَرَادَ الْخَارِجِيُّ دَاذَوَيْهِ قَتْلَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَتَلَ خَارِجَةَ بْنَ حُذَافَةَ، فَلَمَّا قَتَلَهُ الْخَارِجِيُّ أُخِذَ وَأُدْخِلَ عَلَى عَمْرٍو فَقَالَ الْخَارِجِيُّ: مَنْ هَذَا الَّذِي أَدْخَلْتُمُونِي عَلَيْهِ؟ قَالُوا: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. قَالَ: وَمَنْ قَتَلْتُ؟ قَالُوا: خَارِجَةُ. فَقَالَ: أَرَدْتُ عَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ. فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدُونَ الْأَنْدَلُسِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ الرَّائِيَةِ الَّتِي رَثَى بِهَا بَنِيَ الْأَفْطَسِ مُلُوكَ بَطْلَيُوسَ بِقَوْلِهِ:
وَلَيْتَهَا إِذْ فَدَتْ عَمْرًا بِخَارِجَةَ ... فَدَتْ عَلِيًّا بِمَنْ شَاءَتْ مِنَ الْبَشَرِ
وَأَمَّا أَشْقَى الْآخَرَيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ اللَّعِينُ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ وَلَقِيَ بِهَا مِنْ إِخْوَانِهِ الْخَوَارِجِ، فَسَارَّهُمْ بِمَا أَرَادَ فَاشْتَرَى سَيْفًا فِيمَا زَعَمُوا بِأَلْفٍ وَسَقَاهُ السُّمَّ حَتَّى لَفَظَهُ، وَكَانَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ يَأْتِي عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَسْأَلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute