للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٦)﴾.

قد علم الله تعالى شفقة رسوله على أمته، ونصحَه لهم، فجعله أولى بهم من أنفسهم، وحكمه فيهم مُقَدّمًا على اختيارهم لأنفسهم، كما قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]. وفي الصحيح: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين" (١). وفي الصحيح أيضا أن عمر، ، قال: يا رسول الله، والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي. فقال: "لا يا عمر، حتى أكون أحب إليك من نفسك". فقال: يا رسول الله (٢) لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي. فقال: "الآن يا عمر" (٣).

ولهذا قال تعالى في هذه الآية: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ).

وقال البخاري عندها: (٤) حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا [محمد بن] (٥) فُلَيح، حدثنا أبي، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عَمْرَة، عن أبي هريرة، ، عن النبي قال: "ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة. اقرؤوا إن شئتم: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)، فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عَصَبَتُه مَن كانوا. فإن ترك دَيْنًا أو ضَياعًا، فليأتني فأنا مولاه". تفرد به البخاري (٦).

ورواه أيضا في "الاستقراض" وابن جرير، وابن أبي حاتم، من طرق، عن فليح، به مثله (٧). ورواه الإمام أحمد، من حديث أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله بنحوه (٨).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزهري في قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، عن النبي كان يقول: "أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فأيما رجل مات وترك دينا، فإلي. ومَنْ ترك مالا فلورثته " (٩). ورواه أبو داود، عن أحمد بن حنبل (١٠)، به نحوه.

وقوله: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) أي: في الحرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام، ولكن لا


(١) صحيح البخاري برقم (١٤).
(٢) في أ: "فقال: والله يا رسول الله".
(٣) صحيح البخاري برقم (٦٦٣٢).
(٤) في ف، ت، أ: "عند هذه الآية الكريمة".
(٥) زيادة من ت، ف، أ، والبخاري.
(٦) صحيح البخاري برقم (٤٧٨١).
(٧) صحيح البخاري برقم (٢٣٩٩) وتفسير الطبري (٢١/ ٧٧).
(٨) المسند (٢/ ٣٣٤).
(٩) في ف: "فهو لورثته".
(١٠) المسند (٣/ ٢٩٦) وسنن أبي داود برقم (٢٩٥٦).