للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تجوز الخلوة بهن، ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع، وإن سمى بعض العلماء بناتهن أخوات المؤمنين، كما هو منصوص الشافعي في المختصر، وهو من باب إطلاق العبارة لا إثبات الحكم. وهل يقال لمعاوية وأمثاله: خال المؤمنين؟ فيه قولان للعلماء. ونص الشافعي على أنه يقال ذلك. وهل يقال لهن: أمهات المؤمنات، فيدخل النساء (١) في جمع المذكر السالم تغليبا؟ فيه قولان: صح عن عائشة، ، أنها قالت: لا يقال ذلك. وهذا أصح الوجهين في مذهب الشافعي، . (٢)

وقد روي عن أُبي بن كعب، وابن عباس أنهما قرآ: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم"، وروي نحو هذا عن معاوية، ومجاهد، وعِكْرِمة، والحسن: وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعي. حكاه البغوي وغيره، واستأنسوا عليه بالحديث الذي رواه أبو داود:

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا ابن المبارك، عن محمد بن عَجْلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعَلِّمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه"، وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرمة.

وأخرجه النسائي وابن ماجه، من حديث ابن عجلان (٣).

والوجه الثاني: أنه لا يقال ذلك، واحتجوا بقوله: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾: وقوله: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) أي: في حكم الله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ) أي: القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار. وهذه ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالحلف والمؤاخاة التي كانت بينهم، كما قال ابن عباس وغيره: كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته (٤) وذوي رحمه، للأخوة التي آخى بينهما رسول الله ، وكذا قال سعيد بن جبير، وغير واحد من السلف والخلف.

وقد أورد فيه ابن أبي حاتم حديثا عن الزبير بن العوام، ، فقال: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي بكر المصعبي -من ساكني بغداد -عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير بن العوام قال: أنزل الله، ﷿، فينا خاصة معشر قريش والأنصار: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ)، وذلك أنا معشر قريش لما قَدمنا المدينة، (٥) قَدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأنصار نِعْمَ الإخوانُ، فواخيناهم ووارثناهم. فآخى أبو بكر خارجة بن زيد، وآخى عمر فلانا، وآخى عثمان بن عفان رجلا من بني زُرَيق، سعد الزرقي، ويقول بعض الناس غيره. قال الزبير:


(١) في ف، أ: "فيدخل النساء فيه".
(٢) في ت: "".
(٣) سنن أبي داود برقم (٨) وسنن النسائي (١/ ٣٨) وسنن ابن ماجه برقم (٣١٣).
(٤) في ت: "أقاربه".
(٥) في ت: "لما قدمنا إلى المدينة".