للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك انتهى النزاع والخصام وحل الصفاء والوئام.

وكانت الوثنية قد تسربت إلى مكة في عهد الخزاعيين، وكانت الأصنام تحيط ببيت الله المحرم على عدد قبائل العرب، فلما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة في العام الثامن الهجري، طهر الكعبة من الأصنام، وأعلن فيها كلمة التوحيد ومبادئ الإسلام.

ثم توالت الأحداث بعد ذلك على المسلمين، فأصيب المسجد الحرام في عهد يزيد بن معاوية على يدي الحصين بن نمير الذي رمى الكعبة بالمنجنيق حتى تناثرت حجارتها واشتعلت فيها النيران.

ولما مات يزيد وانفك الحصار عن مكة، بدأ عبد الله بن الزبير في بناء الكعبة من جديد١.


= أخرجه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٤٥٨، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٢/ ٥٦ ورجاله ثقات.
وبهذا تكون القصة ثبتت.
وانظر "فتح الباري" ٣/ ٤٤١-٤٤٢ فإنه ذكر الاختلاف في وقت حصول هذا البناء فقال:
فقال مجاهد: كان ذلك قبل المبعث بخمس عشرة سنة، وكذا رواه ابن عبد البر من طريق محمد بن جبير بن مطعم، وبه جزم موسى بن عقبة في مغازيه. والقول الأول: وأنه كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- خمس وثلاثون -أو هو قبل المبعث بخمس سنين- هو الأشهر، وبه جزم ابن إسحاق، ويمكن أن يجمع بينهما بأن هدم الكعبة كان أولًا، ثم تم البناء في الوقت الآخر.
١ هذه الرواية لابن سعد، كما في "فتح الباري" ٣/ ٤٤٥.
وقد صح في البخاري "١٥٨٦" عن يزيد بن رومان قال: "شهدت ابن الزبير حين هدمه -للبيت- وبناه، وأدخل فيه الحجر وقد رأيت أساس إبراهيم حجارة كأسنة الإبل".
وفي لفظ لمسلم: "لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاه أهل الشام، فكان من أمره ما كان ... ". وروى الفاكهي في كتاب مكة من طرق أبي أويسة، عن يزيد بن رومان وغيره: "لما أحرق أهل الشام الكعبة ورموها بالمنجنيق، وهت الكعبة".
ونحو هذا جاءت روايات متعددة مذكورة في "الفتح" ٣/ ٤٤٥، وذكر ابن حجر الخلاف في وقت البناء هل كان سنة أربع أو خمس وستين، ثم قال:
ويمكن الجمع بين الروايتين، بأن ابتدأ البناء سنة أربع، وانتهى سنة خمس -أي وستين- فامتد أمده إلى الموسم ليشنع بذلك على بني أمية.
قلت: وكان سبقه لهذا الجمع ابن الجوزي في "المنتظم" ص١٥٥٣ في حوادث سنة خمس وستين.

<<  <   >  >>