للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول العلامة تقي الدين الفاسي في كتابه "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام":

وأما بناء ابن الزبير للكعبة فهو ثابت مشهور، وسبب ذلك توهن الكعبة من حجارة المنجنيق، التي أصابتها حين حوصر ابن الزبير في مكة في أوائل سنة أربع وستين من الهجرة، لمعاندته يزيد بن معاوية وما أصابها مع ذلك من الحريق بسبب النار التي أوقدها بعض أصحاب ابن الزبير في خيمة له، فطارت الرياح بلهب تلك النار فأحرقت كسوة الكعبة والسياج الذي بني في الكعبة حين عمرتها قريش، فضعفت جدران الكعبة حتى إنها لينقض من أعلاها إلى أسفلها، ويقع الحمام عليها فتتناثر حجارتها١..

ولما زال الحصار عن ابن الزبير لإدبار الحصين بن نمير من مكة بعد أن بلغه موت يزيد بن معاوية رأى ابن الزبير أن يهدم الكعبة ويبنيها، فوافقه على ذلك نفر قليل، وكره ذلك نفر كثير منهم ابن عباس٢ رضي الله عنهما.

ولما أجمع على هدمها خرج كثير من أهل مكة إلى منى مخافة أن يصيبهم عذاب، وأمر ابن الزبير جماعة من الحبشة فهدمتها، رجاء أن يكون فيهم الحبشي الذي أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنه أنه يهدمها فهدمت الكعبة أجمع حتى بلغت الأرض..

وقد اختلفت الأخبار فيمن وضع الحجر الأسود في موضعه من الكعبة حين


١ أخرج هذه الرواية في قصة الحريق الفاكهي عن عثمان بن ساج كما في "الفتح" ٣/ ٤٤٥، لكن في القصة أيضًا أن سبب الحريق هو الحصين بن نمير وجيشه.
٢ "البداية والنهاية" ٨/ ٢٧١ نقلًا عن الواقدي، و"فتح الباري" ٣/ ٤٤٨ ونسبه للفاكهي وجزم بذلك.

<<  <   >  >>