للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الياقوت المضيء والإبراء من الخرس والجذام والبرص١؟ وإذا قيل: إن الحجر كان أشد بياضًا من اللبن ثم سودته خطايا الناس وذنوبهم، فلماذا لم يره أحد من الناس في زمن بياضه٢؟ ولماذا لا يزداد سواده على توالي الأزمنة والعصور٣؟

كل هذه الخواطر التي تجول في النفس تجعلنا ننظر إلى مثل هذه الروايات في حيطة وحذر، ونشك في نسبتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا سيما أنه لم يذكر شيء منها في الصحيحين ٤، وحينما ذكر الترمذي الحديث المروي عن عبد الله بن عمرو، قال عنه: إنه حديث غريب٥.


١ هاتان صفتان، كما يقال: فلان طويل، شعره أسود، فما علاقة الصفتين!.
٢ هل كان ينتظر المؤلف أن يأتيه سند صحيح من لدن إبراهيم عليه السلام!.
ومن يطلب الأسانيد عليه أن يحتج بها، لا أن يطعن بها بالواهيات والمزاعم. وإذا كان صح السند عن المعصوم بأنه كان أشد بياضًا من الثلج، فأي حاجة تبقى بعد لواحد من الناس أن يسأل عن صحة ذلك، ومن رآه!!.
٣ وهل كشفت في كل عصر من العصور عليه فعلمت أن سواده لم يزد.
وهل ثمة لون من الألوان، لا سيما الأسود ليس له حد يقف عنده، حتى إذا تجاوزه صار إلى لون آخر.
٤ وغالب ما ذكر المؤلف ليس في الصحيحين، أفنشك به؟!.
وصاحب الصحيح لم يدع أن ما ليس عندهما ليس بصحيح، بل نصًّا على وجود أحاديث كثيرة صحيحة ليست عندهما، وهو قول كل علماء الإسلام.
٥ وقد قدمنا الخلاف في حديث ابن عمرو، في الرواية الأولى، وأما الرواية الأخرى فقوية، وحديث ابن عباس حسن صحيح، كما نص الترمذي نفسه إن كان المؤلف يقنع بكلام الترمذي.
ثم ليس كل حديث قال فيه الترمذي غريب يعني أنه مردود، وغاية مراد أهل الاصطلاح من قولهم "غريب" يعني أنه جاء من طريق واحدة.
مع أن هذا الحديث جاء من أكثر من طريق، كما نجد ذلك في "سنن البيهقي الكبرى" ٥/ ٧٥ لوحدها.

<<  <   >  >>