للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: برك عليهن, ومنه الحديث: "شمتوا في الطعام" أي: إذا فرغتم فادعوا بالبركة لمن طعمتم عنده, ومنه تشميت العاطس.

قال أبو عمر: واختلفوا في مكث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر في الغار؛ فيروى عن مجاهد ما روته عائشة في الحديث المتقدم في الباب قبله, فمكثا فيه ثلاث ليال وعليه جمهور المحدثين.

وروي في حديث مرسل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مكثت مع صاحبي في الغار بضعة عشر يومًا ما لنا طعام إلا ثمر البرير -يعني ثمر الأراك" ولا يصح هذا وحمله على غار ثور غلط؛ فإنه كان طعامهم فيه ما تقدم ذكره وإنما كانت هذه القصة والله أعلم أيام كان صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب يدعوهم إلى الله -عز وجل- ويروى أن ثمر البرير كان طعام النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه في سفر الهجرة.

وعن سعد بن هشام قال: لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم فقام رجل فقال: يا رسول الله أحرق بطوننا التمر فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إني خرجت أنا وصاحبي هذا -يعني أبا بكر- ليس لنا طعام إلا حب البرير, فقدمنا على إخواننا الأنصار فواسونا في طعامهم وكان جل طعامهم التمر, وايم الله لو أجد لكم الخبز لأطعمتكموه". خرجه في فضائله وسعد بن هشام تابعي يروي عن الزهري وأنس وعائشة.

وعن ابن عباس قال: كان أبو بكر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار فعطش عطشًا شديدًا فشكا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "اذهب إلى صدر الغار فأشرب" قال أبو بكر: فانطلقت إلى صدر الغار فشربت ماء أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأذكى رائحة من المسك, ثم عدت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "شربت؟ " قلت: نعم قال: "ألا أبشرك يا أبا بكر؟ " قلت: بلى يا رسول الله, قال: "إن الله تبارك وتعالى أمر الملك الموكل بأنهار الجنة أن يخرق نهرًا من جنة الفردوس إلى صدر الغار ليشرب أبو بكر" فقلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>