لمن نصره وهذا أولى من حمل الناصر على المعنى الذي ذكروه؛ لما يستلزم ذلك من المفسدة العظيمة والوصمة الفظيعة والثلمة المتفاقمة في جلة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار على ما سنقرره في الجواب عن الحديث الثالث, مما يدل على أنه لا يجوز حمله على معنى الاستخلاف بعده.
وأما على معنى المتولي فيكون التقدير: فعلي وليه ومتولي أمره بعدي, فلا يصح ذلك إذ الإجماع منعقد على أنه لم يرد ذلك في الحالة الراهنة فيكون كالحديث الثالث, وسيأتي الكلام عنه مستوفيًا إن شاء الله تعالى.
على أننا نقول: لم لا يجوز أن يكون المراد بالولي المنعم استعارة من مولى العتق, التفاتًا إلى المعنى المتقدم آنفًا في معنى الناصر ويكون التقدير من أنعم الله عليه بالهداية على يد نبيه -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام والإيمان حتى اتصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه مولاه, فقد أنعم الله عليه أيضًا باستقامة أمر دينه وأمانه من أعداء الدين وخذلانهم وقوة الإسلام وإشادة دعائمه على يد علي بن أبي طالب مما اختص به دون غيره مما تقدم بيانه مما يصحح بيانه له الاتصاف بأنه مولى له أيضًا.
وقد حكى الهروي عن أبي العباس أن معنى الحديث: من أحبني وتولاني فليحب عليا وليتوله, وفيه عندي بعد إذ كان قياسه على هذا التقدير أن يقول: من كان مولاي فهو مولى علي, ويكون المولي بمعنى الولي ضد العدو, فلما كان الإسناد في اللفظ على العكس من ذلك بعد هذا المعنى ولو قال: معناه: من كنت أتولاه وأحبه فعلي يتولاه ويحبه, كان أنسب للفظ الحديث وهو ظاهر لمن تأمله, نعم يتجه ما ذكره من وجه آخر بتقدير حذف في الكلام على وجه الاختصار, تقديره: من كنت مولاه فسبيل المولى وحقه أن يحب ويتولى فعلي أيضًا مولاه؛ لقربه مني ومكانته من تأييد الإسلام, فليحبه وليتوله كذلك.