للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقديم كلام آخر تركه الراوي, ويكون علي لما فرغ من قوله: كنا نظن أن لنا في هذا الأمر حقا تعرض لذكر الميراث ثم اعتذر عن المبايعة فأغنى أبا بكر عن الجواب؛ لأن قوله: كنا نرى يقتضي أن تكون تلك الرؤية سابقة ثم انقطعت وإن روايته الآن غير تلك, هذا هو المفهوم من سياق لفظه, فما عسى أن يقول له أبو بكر وقد دل كلامه على تغير نظره والإجابة إلى مبايعته ورؤية الحق في ذلك, فاستغنى أبو بكر عن الجواب في فصل البيعة وعدل إلى جواب فصل الميراث, أو يقول: لم يجر للميراث في هذا المجلس ذكر, إلا أنه قد كان ذكر قبل ذلك على ما دل عليه أحاديث كثيرة, أن فاطمة جاءت تطلب ميراثها فلما كان هذا المجلس المعقود لإزالة صورة الوحشة الظاهرة والدخول فيما دخل فيه الجماعة واعتذر علي بما اعتذر به, وقبل أبو بكر عذره ثم أنشأ ذكر الميراث معتذرًا عما توهم فيه أولًا نافيًا له حالفًا على الإنصاف بخلافه محتجًّا على قضية الميراث بالحديث المذكور وقصد بذلك إزالة بقايا وحشة إن كانت حتى لا يبقى لها أثر أصلًا, على أنا نقول: على أي معنى حمل الحديث عليه, فحاصله يرجع إلى أن عليا رجع عما كان عليه, وأنه كان يظن أن له حقا إما في الخلافة, وإما بمعنى مطلق الحق أو بمعنى الأحقية, وإما في الميراث, وإما في المشاورة, ترتب على عدم اتصاله به تخلفه عن البيعة, ثم بان له خلاف ذلك وأنه جاء معتذرًا مراجعًا للحق داخلًا فيما دخل فيه الجماعة على ما قررناه, وذلك كله يفسد المطلوب وإنما طال البحث في تمهيد ما هو الأولى به واللائق بمنصبه. وحمل الحديث على وجه لا يتطرق معه خلل في حقه ولا في حقهم والحمد لله أن وفق لذلك, وأن لم يشقنا بالخوض فيهم بما نستوجب به مقته والوحشة من أحد منهم, وأن أسعدنا بمحبتهم والذب عنهم, ونسأله تمام هذه النعمة بالحشر معهم والكون في زمرتهم فقد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب" آمين آمين.

فإن قيل: لأي معنى أرسل علي إلى أبي بكر: أن ائتنا وهلا سعى

<<  <  ج: ص:  >  >>