للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو بكر قاعدان يبكيان، قلت: يا نبي الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك? فإن وجدت بكاء بكيت وإلا تباكيت لبكائكما، فقال: "لقد عرض علي عذابكم أدنى من الشجرة وشجرة قريبة حينئذ، فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَة} " ١ أخرجه مسلم، وعند البخاري معناه.

وذكر أنه قتل من المشركين سبعون رجلًا وأسر سبعون رجلًا, فاستشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر وعمر وعليًّا فقال أبو بكر: يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان, وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار, وعسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضدًا، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما ترى يابن الخطاب?" قال: فقلت: والله ما أرى ما رأى أبو بكر, ولكني أرى أن تمكنني من فلان قريب لعمر فأضرب عنقه، وتمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم, فهوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، ثم ذكر معنى ما بعده وزاد: فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه, وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه, وسال الدم على وجهه, وأنزل الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} ٢ بأخذكم الفداء {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .


١ سورة الأنفال الآية: ٦٧.
٢ سورة آل عمران الآية: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>