فشرب فضله في إحداهما أبو بكر وفي الأخرى عمر، ويؤيده تغاير ألفاظ الحديثين؛ ولهذه الخصوصية بلغ علمه ما روي عن ابن مسعود أنه قال: لو جمع علم أحياء العرب في كفة ميزان ووضع علم عمر في كفة, لرجح علم عمر، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم، ولمجلس كنت أجلسه من عمر أوثق في نفسي من عمل سنة. خرجه أبو عمر والقلعي.
ذكر اختصاصه بفضل طول على الناس في رؤيا أبي بردة:
عن أبي بردة أنه رأى في المنام كأن ناسًا جمعوا, فإذا فيهم رجل فرعهم فهو فوقهم بثلاثة أذرع، قال: فقلت: من هذا? قالوا: عمر، قلت: لم? قالوا: لأن فيه ثلاث خصال: لا يخاف في الله لومة لائم، وخليفة مستخلف، وشهيد مستشهد، قال: فأتى أبا بكر فقصها عليه فأرسل إلى عمر فدعاه فبشره, فجاء عمر قال: فقال لي أبو بكر: اقصص رؤياك، فلما بلغت: خليفة مستخلف زأرني عمر وانتهرني وقال: تقول هذا وأبو بكر حي, قال: فلما ولي عمر, فبينا هو على المنبر إذ دعاني وقال: اقصص رؤياك فقصصتها، فلما قلت: إنه لا يخاف في الله لومة لائم قال: إني لأرجو أن يجعلني الله منهم، قال: فلما قلت: خليفة مستخلف قال: قد استخلفني الله، وأسأله أن يعينني على ما ولاني, فلما ذكرت: شهيد مستشهد قال: أنى لي الشهادة وأنا بين أظهركم, تغزون ولا أغزو؟ ثم قال: بلى, يأتي الله بها إن شاء الله، يأتي الله بها إن شاء الله.
ذكر اختصاصه بأن الناس ما دام فيهم, لا تصيبهم فتنة:
عن الحسن الفردوسي قال: لقي عمر أبا ذر فأخذ بيده فعصرها فقال أبو ذر: دع يدي يا قفل الفتنة, فعرف أن لكلمته أصلًا، فقال: يا أبا ذر ما قفل الفتنة? قال: جئت يومًا ونحن عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فكرهت أن أتخطى رقاب الناس، فجلست في أدبارهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تصيبكم فتنة ما