للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جمع القرآن، وأول من جمع الناس على قيام رمضان، وأول من عس في عمله، وحمل الدرة١ وأدب بها، ووضع الخراج ومصّر الأمصار واستقضى القضاة، ودوّن الدواوين وفرض الأعطية، وحج بأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حجة حجها، وأول من سمي بأمير المؤمنين للسبب المتقدم في الخصائص، وفتح الله على يديه في سني خلافته دمشق ثم الروم ثم القادسية حتى انتهى الفتح إلى حمص وجلولاء والرقة والرها وحران ورأس العين والخابور ونصيبين وعسقلان وطرابلس وما يليها من الساحل وبيت المقدس وبيسان واليرموك والجابية والأهواز وقيسارية ومصر وتستر ونهاوند والري وما يليها، وأصفهان وبلد فارس وإصطخر وهمدان والنوبة والبربر والبرلس، وحج بالناس عشر حجج متوالية، ثم صدر إلى المدينة فقتله أبو لؤلؤة, فيروى على ما سيأتي في فصل مقتله.

ذكر جميع ذلك ابن قتيبة وأبو عمر وصاحب الصفوة، كل خرج طائفة. قال بعضهم: كانت درة عمر أهيب من سيف الحجاج، وكان يخافه ملوك فارس والروم وغيرهم، ولما ولي بقي على حاله كما كان قبل الولاية في لباسه وزيه، وأفعاله وتواضعه، يسير مفردًا في حضره وسفره من غير حرس ولا حجاب, لم يغيره الأمر ولم تبطره النعمة ولا استطال على مؤمن بلسانه، ولا حابى أحدًا في الحق لمنزلته، لا يطمع الشريف في حيفه ولا ييأس الضعيف من عدله، ولا يخاف في الله لومة لائم، ونزل نفسه من مال الله منزلة رجل من المسلمين وجعل فرضه كفرض رجل من المهاجرين, خرجه القلعي.

وكان يقول: إنما أنا ومالكم كوالي مال اليتيم، إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف؛ فقيل له: ما ذلك المعروف يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا تقوم البهيمة الأعرابية إلا بالقضم لا الخصم،


١ العصا.

<<  <  ج: ص:  >  >>