والقضم: الأكل بأطراف الأسنان، تقول: قضمت الدابة شعيرها بالكسر تقضمه قضمًا، والخصم: الأكل بجميع الفم, فكأنه أشار إلى الاكتفاء بالقليل الذي لا بد للحيوان منه ولا يتعداه، قال ابن شهاب وغيره من أهل العلم: أول ما ابتدأ به عمر من أمره حين جلس على المنبر أنه جلس حيث كان أبو بكر يضع قدميه وهو أول درجة ووضع قدميه على الأرض، فقالوا: لو جلست حيث كان أبو بكر يجلس، قال: حسبي أن يكون مجلسي حيث كانت تكون قدما أبي بكر، قالوا: وهاب الناس عمر هيبة عظيمة حتى ترك الناس المجالس بالأفنية قالوا: ننتظر ما رأى عمر، وقالوا: بلغ من أبي بكر أن الصبيان كانوا إذا رأوه يسعون إليه ويقولون: يا أبت فيمسح رءوسهم، وبلغ من هيبة عمر أن الرجال تفرقوا من المجالس هيبة حتى ينتظروا ما يكون من أمره، قالوا: فلما بلغ عمر أن الناس أهابوه فصيح في الناس: "الصلاة جامعة" فحضروا ثم جلس من المنبر حيث كان أبو بكر يضع قدميه، فلما اجتمعوا قام قائمًا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: بلغني أن الناس قد هابوا شدتي وخافوا غلظتي وقالوا: قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه, فكيف إذا صارت الأمور إليه? ومن قال ذلك فقد صدق، قد كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكنت عبده وخادمه، وكان ممن لا يبلغ أحد صفته من اللين والرحمة وقد سماه الله بذلك, ووهب له اسمين من أسمائه:"رءوف رحيم" فكنت سيفًا مسلولًا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، حتى قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عني راضٍ, والحمد لله وأنا أسعد بذلك، ثم ولي أمر المسلمين أبو بكر فكان ممن لا ينكرون دعته وكرمه ولينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدتي بلينه فأكون سيفًا مسلولًا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، فلم أزل معه كذلك حتى قبض وهو عني راض, والحمد لله وأنا أسعد بذلك، ثم إني قد وليت أموركم أيها الناس, واعلموا أن هذه الشدة قد أضعفت ولكنها